ها نحن مجدداً على عتبة الفراق
ها نحن مجدداً على الوحشة مقدمون
الم يستطع ملاك الموت ان ينتظر للحظة ؟
توالت علي الالام من كل البقاع وانحسرت
في مظالم البشر الذين لم يفهموا
ارادوا ان يستغلوا جهلي وضعفي لهم
الا اني قد كنت بالمرصاد
وحيداً في المعركة كنت انا
وحيداً في الظلام كنت اموت
لم يعرف احد بي ولم يسمع الا ...
اهانني واستحقر كوني هجيناً
الم يعرف البشر من قبل معنى الالم ؟
الم يفقهوا الى ما حلك بين ثنايا اصابعهم ؟
الن يكفوا عن فعل المجازر وبعدها يمثلون الحزن ؟
توقفوا !
انتهيت من نفاقكم الكذاب
انتهيت منكم يا من سرقوا حريتي
لم اعد اريدكم
اختفوا ... تبخروا ... احترقوا كالقذارة !
فأنا الان مجرد وهم يخيفكم ذكر اسمه
مجرد اسطورة تنشر الرعب بين سكان الغابات
لن اكون سلاحكم بعد اليوم
كلا ... لن اكون عبداً لكم يا من سلخوا انفسهم من الحياة
تذكير
عاد ذلك الضوء الابيض للظهور ، وظهر من خلفه كل من ساسكي ، كارين ، جوغو ، سويجتسو ، اوروتشيمارو وكابوتو
الذين كانوا في حالة من الصدمة لا يحسدون عليها ، فما رأوه الان كان ماضي آيـآمي حرفياً مفصلاً
ارتجف ساسكي وردد بصعوبة : مـ ... مالذي رأيناه بحق الجحيم ؟
الوقت الحالي
ارتعاش الاجساد وتوقف العقول عن التفكير , وتلك الدوامة الغير منتهية من الصدمات ، الحال الذي المَّ بهم الان ليس شيئاً بسيطاً يستطيعون نسيانه في ومضة عين ، بل هو امر سيلاحقهم طوال حياتهم الفانية هذه
كان يرتجف بشدة وعيناه على اقصى انبلاج لهما ، الان داخله يختلج اعصار هائج ، متهور ، مدمر ، لا يعرف كيف يتوقف على الاطلاق ، فهو قد شعر بكل قطرة الم شعرت هي بها يوماً
يتمنى الموت لما رآه وسمعه وشعر به ، وكأنه عاش ما عاشته ولكن في بضع لحظات فقط ، هو الوحيد الذي شعر بمشاعرها واحاسيسها كلها دفعة واحدة
لم يسعفه جسده على التحرك الى حين شعر بشيء بارد تحت يديه وهو يسير بتدفق غريب ، رفع يده ليشاهد تلك اللطخة الحمراء مرتسمة بقرمزية بحتة
شعر بالرعب فنظر الى جانبه ، لتتوالى الصدمات عليه ، جسدها كان هاوياً على الارض ، شاحب اللون وعيناها مفتوحتان بضياع شديد
شهق بقوة كبيرة عندما تذكر ما حدث معها هنا ، تحرك بشكل هستيري وهو يرتجف حتى وصل اليها وامسكها ورفعها الى حضنه وهو يحاول ايقاظها
كانت باردة جداً كالأموات ، ملامحها متجمدة وكأنها تمثال حجري اصم ، عيناها تنظران الى الفراغ بضياع وغير ادراك
وخط الدم القرمزي يسيل من فمها متقطعاً حتى يحاول ان يدفئ هذه الجثة الهامدة ، هزها بشكل هستيري وهو يصرخ بعينين مرعوبتين منادياً اسمها ومحاولاً ان يجعلها تستفيق من سباتها العميق
: آيـآمي ! استيقظي ! آيـآمي ارجوكِ لا تموتي ! آيــــــــــــــــــــــــــآمي !
اكتفى الصمت باجابته على ندائه ، لم تصدر أي حركة او ردة فعل على صوته ، فعلى ما يبدو ان لهاثه الحاد الذي يحاول اعادتها الى الحياة من عالم الاموات لم يفده هذه المرة
وكأنما روحها هائمة في المجهول البعيد وسط اللا مكان والزمان ، حيث عالم رمادي بحت من الالم والضياع هو ما يقودهم في طريقهم المظلم هذا
اما من جهة اخرى ، كان واقفاً ويدا ملطختان بدمائها ، ينظر اليها بعينين هائمتين وضائعتين في فعلته الشنيعة
وقف منتصباً يحدق فيها بهدوء وهو يتذكر شعوره عندما اخترقت يده قلبها النابض ، الا انه ألان باهت لا حياة فيه ولا دفء على الاطلاق
استنشق عبير دمائها بعمق حتى تخلل الى داخل رئتيه الواسعتين ليخرج بعدها تنهيدة طويلة تعبر عن الحسرة التي تقبع داخله الان
فهو قد وعد ، وقد نفذ الوعد !
ولكن هل تنفيذ الوعد هو الامر الصحيح ؟ ام هل هو امر خاطئ لفعله ؟
الا انه كان تواقاً لهذه اللحظة التي سينقذها فيها من نفسها الشيطانية ، اللحظة التي سيعيد فيها الزمن الى الوراء محدثاً ما كانت عليه من قبل
رغم ذلك غشاوة شفافة قد تجمعت على عينيه الواسعتين ، حاول ان يكبت دموعه من النزول الا انها ابت ان تبقى في محجر عينيه فانهمرت بسرعة كبيرة
كانت ملامحه جادة لا يبدو عليها البكاء رغم ان عينيه تبكيان بحرقة ، لمس بأطراف اصابعه دموعه المنهمرة وهو متعجب من ردة الفعل هذه التي نفذها جسده لوحده
ظهر شبح ابتسامة على وجهه لتتحول بعدها الى قهقهات شيطانية وهستيرية مليئة بالألم والحسرة والندم
كان الجميع ينظرون اليه بنظرات مرعوبة وغير مصدقة لحال هذا الرجل الواقف ، كان عجيباً في نظرهم بشكل كبير
اعادت كارين بصرها الى حيث يمسك ساسكي بجثة آيـآمي المترامية في حضنه ، وهو لا يزال يصرخ بهتسيرية منادياً اسمها ، لعله يلقى منها أي استجابة تثبت له بأنها لا تزال حية
تجمعت الدموع في محجري عينيها الواسعين وهي تدرك بأن صديقتها الوحيدة قد وافتها المنية امام ناظريها ودون ان تستطيع حتى ان تقدم لها يد العون
وقفت بسرعة ليقف كل من جوغو وسويجتسو معها ويتجهون بسرعة ناحيتها ، انحنوا اليها واخذوا ينادون اسمها ليصدروا ضجيجاً عالياً كان كفيلاً بأحياء الاموات
الا انها فقط ابت ان تفتح عينيها الزرقاوات وتدخل الفرح الى قلوبهم المشوهة بالحزن ، توقف صوت ساسكي فجأة ، وهو ينظر اليها بصدمة وغير استيعاب
ارتجف جسده بقوة كبيرة واخذت دموعه التي تشبه الالماس في لمعانها بالانهمار دون ان يشعر بها ، فقدَ ما قد ادخل السعادة الى حياته ، فقدَ اهم ما ملكه يوماً
فقط في لحظة واحدة تغير مجرى حياته ليتحول دونها الى ظلام مجدداً وكأنما اعيد سيناريو ذلك اليوم الذي فقد فيه والديه ! لحظة ، كلا ... ان هذا الشعور اسوء من شعور فقده لوالديه في ذلك اليوم
يشعر وكأن قلبه قد توقف مثلما توقف قلبها ، يشعر بشيء انتشل من داخله ولطخ بالتراب ، لما عليه ان يقاسي مرارة الفقد للمرة المليون في حياته ؟
شد على رأسها قليلاً وهو يدفنه في حضنه ويبكي بحرقة عليها ، توقع كل شيء الا ان يراها جثة هامدة هكذا ، رفع ناظريه الى كازو ليرتسم الحقد عليهما ويلمع بشرارة حمراء نقية
لم تتغير نظرات كازو الباردة على الاطلاق بل وقف كالصنم دون حراك وهو ينظر اليها لفترة من الزمن ، حتى تحرك قليلاً وهو يسير بخطوات متثاقلة باتجاههم حيث هب كل جوغو وسويتجتسو مستعدين كي يقاتلوه
تنهد بملل ليفرقع بأصبعيه ، تصنّم الجميع دونما حراك وهم على الصدمة قد اقبلوا ، لم يستطيعوا ان يحركوا اجسادهم مطلقاً ، فهو قد قام بتنفيذ تقنية تجعلهم ثابتين في اماكنهم كالصخور المتراكمة في الحطام
وصل الى حيث ساسكي وانحنى اليه وهو ينظر في عينه الحاقدتين الموجهتين اليه بضراوة ، ظهر شبح ابتسامة على وجهه لتضيق عيناه الحمراوات بسخرية بحتة عليه
اقترب منه حتى دنى الى اذنه وهمس بشيء ما ، اتسعت حدقتا ساسكي على اثر ما قاله له كازو منذ لحظات ثم ابتعد عنه ليمد يديه بهدوء محيطاً جسد آيـآمي المتهاوي ليسحبه ناحيته ثم يقف وهو يقربها منه بشدة
اعاد النظر الى ساسكي مجدداً ولكن هذه المرة بنظرات حزينة ومتألمة الا انها مليئة بالقسوة والرغبة العارمة في التدمير والاختزان
اشاح بناظريه عنه وهو يسير بسرعة متثاقلة نحو مكان ما مختلف عن هنا ، بمجرد ان اختفى عن ناظريهم استطاعوا ان يتحركوا مجدداً
ليقف ساسكي منتصباً وهو يشد على قبضته ، تنفسه كان هستيرياً وقد دلّ على ذلك ارتفاع صدره وانخفاضه بسرعة مهيبة
حيث ظهرت الشارينجان في عينه وهو يشد اكثر على قبضته الى حين ادمت من الغضب الجامح الذي حل بنفسه وهو يتذكر صدى ما قاله كازو في رأسه
صرّ على اسنانه بقوة كبيرة وقد كان بأمكان الجميع ان يسمعوا صوت الصرير الذي تقشعر له الابدان من القلق
اخذ نفساً طويلاً وعميقاً ليصرخ بعدها بغضب مدمر كالبراكين ! صرخ بقوة كادت تدمر ما حوله وتشققه الى تراب ، صرخ محاولاً ان يخرج كل ما يختلج داخله من الالم ، الضياع ، الحسرة ، الغضب ، الحقد
صرخ حتى بات صراخه امراً روتينياً في عيني الجميع
توقف بعد برهة ليتنهد بقوة كبيرة ويفتح عينيه على اقصى انبلاج وهو يتوعد كازو بالانتقام ، رغم معرفته التامة بأنه لن يتمكن من ان يهزمه ، ولكن على الاقل سوف يلحق به ضرراً يوازي ما الحقه نفسياً وجسدياً به
التفت الى فريقه ليقول باقتضاب شديد : سنقوم بأنقاذها ! انها لا تزال حية ، اعلم هذا ، وحتى ان كانت ميتة فسوف ابيع روحي كي اعيدها الى الحياة
ضاقت عينا الجميع ليبتسموا بسخرية على حديثه ، اعقبت كارين بعدها بثقة : وهل تظن بأن روحك ستكفي ؟! سوف نقوم ببيع ارواحنا كذلك لاعادتها
علت على وجهه الصدمة للحظات سرعان ما تحولت الى ابتسامة واثقة ليردد : هذا اقل ما اتوقعه منكم
ثم نظر الى جوغو ليقول له بصيغة آمرة : جوغو ! انت تستطيع الشعور بكل الكائنات الحية بفعل لعنتك ! لذا اسأل الطيور واي نوع من الكائنات عن مكان ذلك النرجسي المتعالِ
ابتسم جوغو وهو يهز رأسه مجيباً : سأفعل ذلك
ثم اعاد نظره الى سويجتسو وكارين ليقول لهما : اسمعا علينا ان نضع خطة محكمة تساعدنا على الاطاحة به ولو لثواني ! كارين انتِ استطعتِ ان تشعري بقوته ، قدريها لي !
ظهر التوتر على ناظري كارين لتسأل بغموض : قل لي ساسكي من هو اقوى شخص قابلته في حياتك ؟
تعجب ساسكي من السؤال ولاحت الاسئلة تحوم في ذهنه الا انه فضل الاجابة فقال : ان كان الامر هكذا فسيكون ايتاتشي
زاد توتر كارين لتقول بغبنة : سمعت عن قوة اخيك المهيبة ، وان قارنا قوة ذلك الرجل به فسأقول لك بثقة بأنه يوازي قوة مئة من ايتاتشي او اكثر ، الا انه يقوم بختمها لسبب لا اعرفه
اقشعر جسد ساسكي بقوة عند سماعه حديث كارين ، شعر ببعض الاحباط الا انه طرده سريعاً محاولاً ان يجد طريقة ينقذ بها آيـآمي من بين براثنه دون الحاجة للاحتكاك به مباشرة
كان سويجتسو يسمتع بهدو على غير عادة فقطع صمته البارد بقوله الساخر :لايهم فأنا- ساما لن احصل على اذى منه لاني انا السيد المائي الجميل المغوار !
نظر اليه الجميع بعيون باردة واشاحوا ببصرهم وكأنهم لم يسمعوا لما قاله لهم ، تحطم ليقول بعدها بأحباط : لم اعد الجلمود الذي حطه السيل من علي !
تقدم جوغو منهم بهدوء وعلى وجهه ملامح مضطربة نوعاً ما ليقول : ساسكي ! اتجه ذلك الرجل الى الشمال الشرقي وهذا ليس جيداً على الاطلاق
تعجب ساسكي ليرد باستفهام : لما ؟
ابتلع جوغو ريقه ليقول بنوع من الضيق المختلج بالتوتر محاولاً ان لا ينظر في عيني ساسكي مباشرة : انه نفس موقع ذلك القصر الذي كانت تعيش في فيه طفولتها ، انا متأكد
اتسعت عيناه بصدمة عارمة ، الا انه سرعان ما تجاهل الواقع المرير هذا ووقف وهو ينظر الى السماء بنظرات محتدمة كمعركة ناشبة في الافق
تحجر لبرهة كتمثال حجري الا انه سرعان ما صرخ بعدها بحدة : هيا !
في عالم الشياطين
انقباض قلبه المؤلم لم يختفي ، وشعوره بالارق قد جعله مرتاباً متهوراً ، كلما اراد ان يغمض عينيه يتراءى له وقع جثتها الهامدة على الارض
وكأنما السماء الغيبية تحاول اعلامه بأمر ما ، امر سوف يدمر حياته الى قطع من الزجاج المتناثر على الارضية الرخوة
كل ما يحتاجه الان هو القطرة التي تفيض الكأس من اجل يدمر كل ما حوله ، فهو ليس مستعداً ان يخسر اهم كنوزه على الاطلاق
رغم ان هواجسه السوداء لاحت له من الافق كعاصفة تترقب الوصول حتى تدمر سلام القرية المختبئة بين ضباب الغابات
داخله يقبع ضباب اسود قد ملأ حياته توتراً وقلقاً ، يوقن في اعماقه بأنه ليس الا وحشاً قبيحاً لا يمد للرحمة بصلة ، رغم انه يحاول بشى الطرق ان يغير نفسه للافضل الا انه في كل مرة يطرأ ذلك الامر الحقير الفاسد كي يبعثر آماله واحلامه كما تبعثر الرياح اوراق الاشجار
ضرب ساتان الجدار بقوة كبيرة حتى تصدع ثم اردف بغضب : تباً ! مالذي حدث لكِ يا صغيرتي ؟
تنهد بقوة ثم غطى وجهه بباطن كفيه وهو يتزحلق على الجدار بألم يعتصر كيانه على جلس على الارض
اشتد الالم في قلبه مطبقاً فأخذ يتأوه من قوته اللاذهة التي كانت شهوته في السابق ، فهو لطالما عشق تعذيب نفسه وعشق رؤية دمائه تتناثر على وجوه ضحاياه الميتة
اما الان فهو يخشى ان يشعر بتلك المشاعر مجددا ويخشى ان يرى نبع الدماء المتدفق من بين اسوار خبايا مشاعره
المه سوف يواصل تعذيبه بلا رحمة ، لطالما عذبه هذا الكبرياء الاجش ، يقول له بنبرة ملوك واباطرة مليئة بالتكبر والافتخار
{ تعال ! اصرخ ! وابكي هنا في دائرة عذاب الحالمين }
في طوفان من شهوة العواطف القرمزية يقبع هو نائماً داخل جسده ، قد قتل جانبه المحب للحروب والدماء من اجل ان لا يشعر بهذه الهواجس مجدداً الا انه فقط لم يستطع ذلك فهاهي الان تحاول الاستيقاظ كما استيقظت قبل اثنتي عشر سنة وكاد يدمر كل شيء لفقدانه لمارينا
اغمض عينيه لتتراءى له تلك الرؤية مجدداً
في تلك الليلة وتحت ضوء القمر الفضي صرخت هي بقوة : اهي خطيئة ! ، مقاومة الشهوة والالم ؟
الا ان ما اجابها لم يكن بشرياً لم يكن حتى شيطانياً ولم يكن انسانياً ، بل كانت نفسها البحتة التي ردت عليه بصوت آسر مليء بكبرياء الاباطرة : انا سيد الليل السادي اقسم بندى الصباح بأنكَ ستكون منبع الدماء الخاص بي
وعلت قهقهاته المزمجرة في كل مكان من تلك الانحاء الحالكة التي صورتها انعكاسة البدر الفضي على مياه بحيراتها حالكة السواد
فتح عينيه برعب مما تذكره للتو ووقف وهو يقول بحسرة : لا ازال حبيس اوهام ذكرياتها
فتلك الذكرى وذلك الصراخ لم يكونا له حتى ! بل من قالها وصرخ بها في تلك اللحظة كانت هي ابنته ذات الستة اعوام والتي عانت الامرين في سنوات رغيد حياتها المفترضة
فتح الباب حتى دوى صريره ليخرج جيراهيم من خلفه وعلى وجهه ملامح الاستفهام : والدي ، هل انت بخير ؟
نظر اليه لبرهة من الزمن سرعان ما تجاهل سؤاله ليقول له بنوع من الضيق والامل : جيراهيم ! هل كازو هنا ؟
هنا علا التوتر عليه لدرجة انه تلعثم في كلامه من الخوف الذي ارتسم في قلبه ، فهو شعر بأمر سيء قد حدث وخشي ان يكون له علاقة بآيـآمي فيقوم والده بقتل كازو
اجاب بتوتر وتلعثم واضحين : كـ ... كلا ليس هنا
اتسعت حدقتا ساتان بمشاعر لن يتمكن احد من تفسير ماهيتها حتى ظهر ذلك الانعكاس الاحمر عليها وهو يقول ببرود مرعب : هكذا اذا عصى اوامري !
انتصب جيراهيم كالجنود وهو غير قادر على الكلام ، وقف ساتان محايداً له مباشرةً وهو يقول له بهمس مرعب : اذهب برفقة دان وابحثوا عنه في الحال ! وان تطلب الامر اجلبوه لي معاقاً ، وان لم تتمكنوا من هذا فسآتي بنفسي الى الميدان
شهق جيراهيم بقوة على اخر كلمتين قالهما والده ، فدخول ساتان الى ميدان المعركة معناه الدمار الشامل فما بالك بدخوله الى ميدان البشر ، سوف ينسفهم عن بكرة ابيهم !
ابتلع ريقه بصعوبة وقال بانصياع مملوء بالخوف : حاضر
ثم خرج مسرعاً الى حيث يكون دانتاليون الان وهو يسير بخطى سريعة وخائفة ، وصل الى غرفة دان فركل الباب حتى حطمه و سقط على دان الذي كان واقفاً خلفه
دخل جيراهيم الى الغرفة وهو يصرخ بقوة : دان ! اين انت ؟
جاب ببصره ملامح الغرفة الا انه لم يجده فحك رأسه برعب وهو يقول : يا الهي اين ذهبت في هذا الوقت ؟
سمع صوت دندنة قادمة من تحت قدميه ، وقف شعر رأسه عندما فكر باحتمالية كونه شبحاً ، فحرك رأسه بصعوبة ليرى الباب المحطم والواقف عليه ومن بين جوانبه خرجت يد دان وهي ترتجف وهناك صوت توعد صارم خارج من تحت حديد الباب اللامع
ابتعد جيراهيم عن الباب وركله حتى طار وتعلق بالجدار ليصرخ بقوة على دانتاليون قائلاً : ايها الاحمق ! نحن في وضع الطوارئ وانت تلعب الغميضة ؟
وقف دان الذي اصبح وجهه احمراً من قوة الضربة ليمسك بجيراهيم من ملابسه ويسحبه اليه صارخاً : ايها الاحمق عديم التفكير ! انت ركلت الباب وسقط علي !
توتر جيراهيم ثم اشاح ببصره ليقول باستفهام مليء بالسخرية : هل فعلت ؟
دفع دانتاليون جيراهيم بقوم وطالت اظافر يده ليخترق بها صدر جيراهيم بسرعة كبيرة وينتشل قلبه من صدره وسط ذعر جيراهيم منه
حمله امامه بسخرية ليقول : تعال واستعد قلبك !
تحول وجه جيراهيم الى الاحمر من الغضب ليقول صارخاً مزمجراً : اعد قلبي ايها الاحمق !
اخرج دان لسانه بسخرية وقال بتكبر : كلا يا اخي الصغير سوف ابقي قلبك رهينة لدي
ضرب جيراهيم وجهه بقوة عندما تذكر سبب قدومه الى هنا فرفع بصره الى مستوى دان بجدية ليقول له بجفاف : اسمتع دان ! الامر خطير هذه المرة ، والدي توعد بدخول الميدان ان لم نجلب له كازو في الحال ، لقد حدث امر ما على ما يبدو ! امر لا يبشر بالخير اطلاقاً
انزل دانتاليون يده التي تحمل قلب جيراهيم النابض ليردد بغير تصديق : مهلاُ ! هل شعر الجميع بذلك الهاجس السيئ ؟
دنى بصر جيراهيم من الارض وهو يقول بقلق محاولاً اخفائه : على ما يبدو ذلك
ظهر ظل اسود على وجه دانتاليون من الرعب وهو يفكر باحتمالية كون آيـآمي هي الخيط الرئيسي في الموضوع ، لا يعلم لما ولكن هناك امراً يدور في رأس كازو ، امراً لن تكون عواقبه وخيمة فقط
مد يده ليعطي جيراهيم قلبه فمد الاخير يده واخذ القلب واعاد وضعه في صدره وهما يفكران بما يجب فعله الان !
نظر دان الى جيراهيم وقال : سنذهب الى عالم البشر ، لقد وضعت شيطان تعقب خفي على كازو من فترة وسوف يدلنا على مكانه
هز جيراهيم رأسه بالايجاب دلالة على موافقته للامر وانطلقا بسرعة نحو مكان البوابة في البهو العظيم
في عالم البشر
وصل للتو الى اطلال ذلك القصر المحترق ، حيث يحمل جثة اخته التي احبها اكثر من أي شيء في هذا العالم
اخذ نظرة خاطفة مليئة بالشغف عليها ليضعها على ما يشبه المذبح ، الذي اعده سابقاً قبل ان يقوم بقتلها
تحسس وجنتها بيده ليقوم بعدها بأغلاق عينيها الشاحبتين الميتتين بهدوء ويمسح خط الدمر القرمزي عن فمها
تنهد بألم وهو يخرج سكيناً من بين ملابسه ويقوم بانتشاله من مسكنه وهو ينظر اليه بطرف عينيه ، فهذا السكين خاص بمارينا وقد اهدته له عندما كانت في عالم الشياطين وقت حملها ، وقد احتفظ به الى يومه هذا لانه يحترمها
فتح باطن يديه ليقوم بجرح نفسه بالسكين الحاد ، اخذ الدم يسيل بغزارة منه وقد منعه من التجلط حتى لا يشفى الجرح في الحال
انحنى الى الارض وهو يرسم دائرة حول المذبح لتحيطه بها وتكون حماية كي لا يحدث امر لا تحمد عواقبه فيما بعد
انتهى من رسم الدائرة بعد مدة قصيرة ليقف واذا بجرحه يشفى تماماً وكأنه لم يكن ، اعاد النظر الى وجهها الشاحب الخالي من الراحة والطمأنينة
تحرك حتى وصل الى البقعة التي يريدها وهي فوق رأسها تماماً ، وضع يديه على جوانب رأسها وهو يردد عبارات غير مفهومة على الاطلاق
حيث كان يردد في نفسه : سأعيدك الى بشريتك يا صغيرة ، سأرى تلك الابتسامة مجدداً
اخذ شعره يطفو في الهواء وهو يحيط جسده بهالة بيضاء من الطاقة ، اغمض عينيه لثانية ليفتحها بعدها واذا بها تحولت تماماً للبياض
اكمل ترديد تلك العبارات وهو يقول : سانتو بانتيونو ساراداي ماركي استربينوا ديتينابي سايتوبا
فعلى ما يبدو هذه نوع من الطقوس القديمة للشياطين في تحرير كل منبع الشرور الموجودة في الجسد لاجل تنقية الشخص وجعله شيطاناً نقياً ولكن هنا تعمل العكس فهو يريد ان يخلصها من الجانب الشيطاني الذي عذبها تماماً !
ظهرت تلك اللمعة الغريبة في الهواء دلالة على صنع حاجز حامٍ حتى لا تخرج عن السيطرة ويعود ظلامها الى وعيه الان
الا ان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد ظهر ضوء قوي قد شق السماء من شدة بياضه وقطع على كازو ما كان يفعله من تحرير لآيـآمي
تحرك كازو قليلاً عندما آلمته عيناه من قوة الضوء وقد تلاشى ببطء حتى شعر بتلك اللكمة على وجهه التي اسقطته ارضاً
ارتمى جسد حار عليه وقد كان يغلي من الغضب ، فتح عينيه على صوت صراخ مزمجر كاد يصمه : ايها الحقير ! مالذي فعلته ؟ مالذي اقترفته يداك ؟
اتسعت عيناه على رؤيته لملاح دان الغاضبة والتي كانت تعبر عن حقد كبير ، اردف دان مكملاً : لما قتلتها ايها الغبي ؟ هل تريد الموت كذلك ؟ انت لم تتوقف عن فعل الحماقات منذ ان اخبرناك بالتوقف وانت الان في نقطة اللا عودة ولن يرحمك والدي مطلقاً !
احمر وجه كازو من الغضب وركل بقوة دفعته بعيداً ليقف وهو يصرخ : لما قاطعتموني ؟! كان بالامكان انقاذها والان اخشى بأنكم قد افشلتم المهمة !
تعجب دانتاليون من كلام كازو الغير مفهوم فغير ناظريه الى حيث جيراهيم يخرج آيـآمي من المذبح ودائرته
حينها شهق كازو بقوة كبيرة ارعبت دان ليزمجر بغضب الوحوش : لا تفعل ذلك ! اياك ان تخرجها من الدائرة !
الا ان جيراهيم لم يسمع كلام كازو وقام بانتشال آيـآمي من مكانها ! هنا شعر كازو بأن الدنيا حوله اصبحت سوداء ، خفتت آماله كلها وقلبه قد بهت تماماً ، تعجب لتحول رؤيته للرمادي من حوله وجسده يرتجف برعب شديد وهو يدرك ما سيحدث بعد لحظات
وقع على ركبتيه وعيناه متسعتان بذعر ليقول بهدوء واستسلام وعدم تصديق : لقد دمرتم كل شيء ! ما كان عليكم ان تقاطعوا مراسم احياء بشريتها ، ما كان عليكم ان تقتلوها مجدداً ! كان من المفروض ان اكون انا الذي ينقذها من عذابها الازلي كما وعدتها ، الا انكم افسدتم كل شيء
صرخ بعدها بقوة كبيرة صمت آذانهم من قوتها وهو يخرج الحسرة التي اختلجت داخله الان ، بدأت دموعه تسقط بحرارة عندما ادرك ما سيحدث لها بعد ثوان فقط
ومن جهة اخرى وصل ساسكي وفريقه الى حيث هم وقد شاهدوا ما حدث وشاهدوا كلام كازو لدان الا انهم لم يفهموا ما حدث بشكل كامل
شاهد ساسكي جيراهيم وهو يحمل آيـآمي فشعر بنوع من الغضب لانهم وصلوا اليها قبله ، الا انه تجاهل الامر عندما ادرك انهم قد انقذوها من بين يدي كازو ، او هذا ما يظنونه
اما هي فلا حياة لمن تنادي ، لا تشعر بشيء ولا تفقه شيئاً ، في عالم اسود من بحار الظلمة هي تعوم حتى تصل اليها تلك السلاسل الفضية لتحيط جسدها بلوعة الموت وتسحبها الى اعماق غياهب ذلك المحيط الاسود المكون من الالم والطغيان والحسرة
عيناها مغلقتان بشدة وهي غير قادرة على فتحمها ، تشعر بالحياة تسحب منها كما يسحب الطبيب الدم من العروق ، هذه ليست النهاية الشنيعة التي تمنتها ولكن لا بأس ، مادامت ستموت فأن اقصى امنياتها ستتحقق الان حتى وان فقدت كل سنبلة من ذكرياتها في طريق الموت الشاحب
: كلا ! لا تزال امانيكِ لم تحقق الى الان ، سيدتي ! علي ان احقق ما خلقت لاجله
شعر جيراهيم بنوع من الحرارة في جسد آيـآمي فاستبشر خيراً من هذا ، ابتسم وهو ينظر اليها ويقول بسعادة : آيـآمي !
فزع كازو ورفع رأسه بسرعة كبيرة ليجد نفسه في نوع من الاقفاص الفولاذية التي تستطيع ان تحبس الشياطين فيها حتى ان كانوا ابناء ساتان
نظر الى جسد آيـآمي واذا به يصرخ فزعاً : اياكَ ان تتركها تستيقظ ! اياك ان تترك الظلام يرى النور !
لم يفهم الجميع قصده واذا به ينظر الى دان ليقول بحقد : اخرجني من هنا دان ! علي ان اوقفها والا فأن هذه المرة ستختفي آيـآمي الحقيقية الى الابد
كان دان فزعاً ، خائفاً ومتوتراً ، لا يعلم قصد كازو على الاطلاق ، اقترب ساسكي بسرعة من قفص كازو ليقول بصراخ : مالذي تعنيه ؟ مالذي فعلته ؟
نظر اليه كازو بحقد فأخرج يده من بين فتحات القفص ليمسك برأس ساسكي ويضربه بقوة في القفص ليقترب منه وهو ينظر اليه بغضب شديد ، لدرجة ان ساسكي كان يشعر بلفحات انفاسه الحارقة وهو يقترب منه قائلاً بغضب ممزوج ببرود قاتل :
كان من المفترض ان انتشل ظلامها وجانبها الشيطاني واعيدها الى حقيقتها البشرية ، وقد قضيت اثنتي عشر سنة وانا اعد لهذا اليوم الذي سأريحها فيه من عذابها لكونها هجينة ، كنت اريدها ان تعود الى كونها بشرية ، اردت ان ارى ابتسامتها الصافية والنقية مجدداً ، اردت ان املأ حياتها بالفرح والسعادة ، بدل تلك الهموم التي اثقلت كاهليها ، والطريقة الوحيدة هي ان اقتلها لبعض الوقت ، فعلى الرغم من كونها نصف انسانة الان ونصف شيطانة فقط فهذا يعني بأن قدراتها الشيطانية هي النصف فقط وليست كاملة مثلما تكون شيطانة بحتة ، لذا طعنها في قلبها سيقتلها لبضع ساعات فقط ! وقد فعلتها وجلبتها الى هنا حتى استخرج كل قطرة كلام وشيطانية منها الا ان دان قد قاطعني وافسدت المراسم ! لذا فأن ما سيحدث الان هو اسوء من الجحيم نفسه ! سوف تعود الى كونها الشيطان الاسود القادم من الجحيم ! ولكن هذه المرة بأرادة الظلام لا بأرادتها !
لم يعرف ساسكي ان كان يتنفس وهو يسمع كلام كازو ام لا ، كل ما يعرفه بأن هذا الرجل القابع امامه في زنزانة غريبة هو شخص اراد الخير لآيـآمي كما يريد هو ولكن فقط الجميع فهمه بشكل خاطئ وبسبب هذا الخطأ فأن كلاً من آيـآمي وكازو هما من سيدفعان الخطأ
لا تزال لفحات انفاس كازو الحارقة تضرب وجه ساسكي دليلاً على غضبه وحقده ، توازن تنفسها في السرعة الخيالية تلك ! شد كازو على شعر ساسكي بقوة واخذ يضرب برأسه القضبان الحديدة بين محاولات ساسكي للافلات من بين يديه الا انه لم يستطع
ادمى رأس ساسكي تماماً الا ان نظراته الغاضبة لم تفارق وجهه واذا به يمسك كازو بنفس الطريقة ليضرب رأسه بالزنزانة كذلك من الغضب
كل منهما يضرب رأس الاخر حتى ادميت رؤوسهما تماماً وهما لا يزالان يخرجان الحقد الدفين داخلهما ! اسرع دانتاليون بأبعاد ساسكي الذي يتنفس بطريقة هستيرية عن كازو وهو يشعر بالرعب منهما
حيث صرخ ساسكي بقوة : لما فعلت ذلك لوحدك ؟ كان بأمكان الجميع مساعدتك على هذا ! لما حملت هذا العبء القاتل وحدك ؟
امسك كازو بالقضبان وهو يهزها بعنف لدرجة انها كادت تتحطم وهي غير قابلة للتدمير ليقول بغضب : ومالذي تريدني ان اقوله !؟ مرحباً ابي سوف اقتل ابنتك كي احررها من ظلامها ووحشتها ؟! لا تمزح معي ايها التافه الحقير ! افضل ان احمل العبء لوحدي على ان اتحمل اخطاء غيري في هذه العملية الصعبة !
وقفا فقط يتبادلان نظرات الحقد فيما بينهما والجميع عاجز عن فعل شيء لهما حتى يتوقفا عما يفعلانه الان !
ولكن عند الدفة الاخرى كان جيراهيم مرعوباً وخائفاً اشد الخوف مما يشعر به صادراً من آيـآمي ، فهذه التشاكرا المرعبة بلا شك تشاكراها عندما تكون بحالتها الشيطانية الكاملة ، وهذا يعني شيئاً واحداً هنا ، وداعاً يا عالم البشر !
انزلها على الارض وهو يفكر بشيء يفعله حتى يوقف ما يحدث ! ندم في هذه اللحظة على شكه بكازو ومقاطعته لمراسمه ! لانه ان لم يفعل لكان كل شيء بخير ولكن هيهات من بحيرة الندم المسمومة
ابتعد عنها واسرع الى حيث دانتاليون وهو يحدثه بما يجري ، فزع دانتاليون كذلك وفكر بنفس افكار جيراهيم الا انه فقط فكر بأن يقتلها تماماً في هذه المرحلة ، لا يعلم كيف طرأت الفكر على باله ، فقط يعلم بأنه لا يقدر ان يقتل اخته ابداً حتى وان فكر بالامر
ضرب الارض بقوة كبيرة فاهتزت ليعيد نظره الى كازو المحبوس وهو يضرب رأسه الدامي بالقضبان حتى يتهشم وثم يشفى وثم يعيد ضربه حتى يتهشم وهكذا
اقترب منه بسرعة كبيرة وهو يحاول منعه من تعذيب نفسه ليصرخ به زاجراً : مالذي ستستفيده من تعذيب نفسك ؟ ما حدث قد حدث وانتهى الامر !
نظر اليه كازو بحقد لامع باحمرار في عينه وهما متسعتان بقوة ليقول بعدها ببرود وهو يسمك بيد دان : لولا تدخلك لانتهى الامر بسلام ! اللعنة عليك دان
تعجب دان من برود كازو ، الا تعجبه زال عندما قام الاخير بشد يد دان بقوة كبيرة حتى اقتلعها من مكانها ، تأوه دان من الالم وهو يرى كازو يحمل يده المقتلعة بيد وهو يضغط عليها بشدة ، آخر ما توقعه هو ان يفقد كازو عقله لهذه الدرجة الغير معقولة
القى كازو باليد ليستند على القضبان ويريح نفسه وهو يقول : ستشفى يدك ايها الطفل هل نسيت ذلك ؟
اما ساسكي وفريقه هم الهوامش الموجود هنا ، لا يعلمون شيئاً وقد نسوا امر خطتهم تماماً وهو يراقبون ما يفعله الاشخاص المجانين امامهم
شعرت كارين بتشنج قوي ومؤلم لدرجة البكاء ! فتجمعت الدموع في عينيها وهي تنظر الى آيـآمي النائمة على الارض بهدوء وهي تردد : لـ..لا ... مسـ...مستحيل !
من بين الحنين والشوق ليقظتها مجدداً ومن بين الجدران الصماء التي اخذتها بعيداً ، سوف تمتد يد طاغية تدمر كل الامال في لحظة واحدة فقط وتبعث اليأس في قلوب الناس اجمعين حتى لا يعود لهم مكان للهرب الا تلك الكهوف السحيقة والمظلمة التي لا يتخللها الا الالم والرعب والترقب الهوسي
في ثانية ظهر شكل غريب اسفل جسد آيـآمي وامتد الى مساحة كبيرة ليكسر بعدها بقوة ، فتحت آيـآمي عينيها بقوة كبيرة وكأنما هما باب قد انبلج على مصراعيه !
وقفت على ركبتيها وهي تنظر الى السماء بعيون مصدومة سرعان ما تحولت الى اللون الاحمر البراق ليتطاير شعرها بقوة على اثرها
رفعت كفيها واذا بأصابعها ترتجفان بقوة وهما يتحطمان ويسمع صوت تحطم عظامها من قوته ، اخذت تصرخ بصوت مدوي وهي تعبر عن الالم الذي اجتاح كيانها الان
وضعت يديها على رأسها من الالم وهي تصرخ لدرجة ان حبالها الصوتية وان قطعت فلا تزال صرختها مدوية في كل الارجاء
بدأ جلدها يتحول للون الاحمر وتظهر عليه نتوءات غريبة منتفخة ، وكأنما هي القيت في نار مستعرة وبدأ جلدها بالذوبان
اخذت تصرخ واذا بجلدها يزيد احمراره بمرور الثواني
صرخ ساسكي بخوف شديد وهو يركض باتجاهها : آيـآمي !
الا ان دانتاليون اوقفه بصعوبة وهو يحاول ان يفهم ما يجري هنا ، فهذه ليست مراسم الاستيقاظ حتى يحدث هذا الامر البشع !
وضعت يديها على وجهها واذا بجلدها انسلخ تماماً وتطايرت دمائها على وجوه الجميع بما فيهم كازو الذي مد يده اليها وهو يقول متحسراً : لم ارد ان تصل الامور الى هذا
سقطت يداها تترنح في الهواء بدون حراك واذا بجلدها يتكون مجدداً عليها وهو تبتسم بشر نقي قد حسر كل الشرور فيها
بعد ان اختفى كل اثر لعذابها وقفت وهي بنفس الابتسامة ، نظرت الى الجميع بعيونها الحمراء اللامعة وهي تنحي كخادم وتقول : سررت بلقائكم جميعاً ، ارجوكم نادوني بـ دارك ! وانا اكون ظلام سيدتي آيـآمي
· ملاحظة : دارك راح يكون مسيطر على جسد آيـآمي لكني راح اتكلم عنه بصيغة المذكر
سرت القشعريرة في اجساد الجميع وهو ينظرون اليها ، تقدم جيراهيم منه ليقول : ظلام آيـآمي ؟
اتسعت ابتسامته الشيطانية ليقول بعدها : اجل الظلام الذي صنعته لتهرب اليه عندما تشعر بالخوف والوحدة
اقترب دان الذي شفيت يده وعادت ليجره بغضب جامح ويقول : سوف نفصلك عنها
اختفت ابتسامة دارك المتجسد بجسد آيـآمي وهو يقول : كلا ! هذا امر مستحيل فهي انا وانا هي ، نحن كيان واحد لا يمكن فصله ابداً ! ان فصلتني ماتت وان فصلتها مت
ابتعد دانتاليون بعد ان دفعه بقوة ليقول : لقد ختمك كازو ! لقد قال بأنك لن تخرج حراً مجدداً
عادت الابتسامة لوجهها بل لوجهه وهو يقول : علي ان اعترف ، السيد كازو شخص عبقري لم التقي مثله في حياتي ، فقد استطاع ختمي بسهولة عجر عنها الجميع ، وكاد يفصلني بشكل تام وممتاز عنها منذ قليل لولا تدخلكما
اهتزت عينا دانتاليون ليردف بعدم تصديق : مالذي تعنيه ؟
اخذ دارك يلعب بشعر آيـآمي الاشقر ويقول : اعني انه لولاك لكنت الان في طي النسيان منفياً في اللا مكان مجدداً ، ولكانت هي متحررة مني ومن شيطانيتها البحتة ، لذا انا اشكرك عزيزي دانتاليون
سقط دانتاليون على ركبتيه من الفزع والانكار ، تمنى لو ان الزمن يعود حتى لا يتدخل فيما كان كازو يفعله ، ولكن هيهات فأن الزمن لا يعود ما ان ينقضي
اتجه دارك ببصره الى حيث ساسكي ، فانقبض قلبه ، وكأنما آيـآمي تحاول الخروج وتولي السيطرة مجدداً
اخذ يسير ناحية ساسكي حتى وصل اليه واحاط رقبته بيديه وهو يقول بغيض : لما تهتم سيدتي لشخص مثلك ؟ لا حاجة بها الى الحب او أي مشاعر جيدة يجب عليك ان تموت فقط
دفع ساسكي جسد آيـآمي بقوة كبيرة وهو ينظر اليه بحقد ويقول : كلا ! سوف تعيد المزعجة الي وان اضطررت الى تقطيعك ومن ثم اعادة تجميعك حتى تعود هي
تعجب دارك كثيراً من هذا الكلام وبان هذا على وجهه واذا به ابتسم حتى تحولت تلك الابتسامة الى قهقهات شيطانية من الضحك الهستيري
اردف وهو لا يزال يضحك : اتظن حقاً بأني سأسمح لك بأن تعيد سيدتي ؟ كلا ، علي ان احقق احلامها ! لهذا وجدت انا في هذا العالم ، انا كلي لها ! انا خادمها المطيع الذي لن يخونها ابداً ! انا من كانت ترمي بنفسها في حضن ظلامه عندما تشعر بالرعب والفزع ! انا حاضن اسرارها وكينونتها ! لن تساوي امامي شيئاً ايها الصعلوك الغبي
انخرس ساسكي امام كلام هذا الدارك الغريب ! فهو قد قال كلاماً لا يمد للواقع بصلة ! فكيف يرد على مجنون يظن نفسه كل شيء في الوجود ؟
اشتعلت عينا ساسكي بالنيران وهو يقول : اعد لي فتاتي ايها اللعين والا ...
قاطعه دارك بحدة : والا ماذا ؟ سيد ساسكي ؟
تركه ساسكي بعدما نظر الى عينيه الحمراوات اللامعات ! شعر بنوع من الضياع عندما نظر اليهما وكأنهما اوقعتاه في دوامة من الجهل وعدم الوعي
سقط على ركبتيه عاجزاً عن الحراك لينحني دارك الى مستواه وهو ينظر اليه بنظرات متعجبة ، نظر ساسكي الى ملامحه الهادئة التي هي بالاصل ملامح آيـآمي ، شعر بالضيق من كون مالك هذا الوجه والجسد غير حاضر في هذه اللحظة
ابتسم دارك وهو يحيط وجه ساسكي بيديه ويقول : عندما كنت تقبلها كانت هناك مشاعر غريبة تتفجر فيها ، وكأنما هي قنبلة موقوتة تحتاج لبعض الدفع حتى تنفجر ! رغم انها قابلت كل انواع الرجال الا انك الوحيد الذي جعلتها تبدو فتاةً حقاً ، هذا يزعجني جداً
لا يزال محيطاً وجه ساسكي وعلى وجهه نظرات غامضة لا تفسر على الاطلاق ، اقترب منه ببطء حتى تطابقت شفتاه مع شفتا ساسكي المصدوم ، ظل هكذا لبعض الوقت حتى ابتعد عنه بعد برهة وهو يبتسم بخبث مردفاً : يالها من شفاه مخملية ، لا عجب من ان سيدتي تتوتر اشد التوتر عندما تقبلها
لا يعلم لما ولكنه شعر بالاشمئزاز من لكنة هذا الشخص المسيطر على جسد آيـآمي ، دفعه بقوة وسط ذهول دارك الذي لم يتوقع ان يقوم برفض جسدها على الاطلاق
ابتسم بسخرية وهو يبتعد عن ساسكي وهو يردف : على اية حال سوف اقوم بتنفيذ امنياتها ومن ثم سأختفي
تدخلت كارين لتقول بغضب : وماهي امنياتها ؟!
نظر اليها دارك بغضب للحظة الا انه سرعان ما ابتسم بهدوء ليقول : بالطبع ! اولاً تدمير كونوها ومن ثم موتها
ثم ضحك بسخرية محضة منهم لان علامات الصدمة قد ارتسمت على وجوههم كافة ، حتى كازو المحبوس الذي لم يكن له قوة كي يتحدث صدم من امنياتها هذه
تحرك بصعوبة لان هذا القفص يستنزف قواه ليمسك بالقضبان بضعف ويقول : اياك وان تفعل هذا ! اياك وان تؤذيها
انتبه دارك على كازو ليسير نحوه حتى وصل اليه فانحنى الى مستواه وابتسم ابتسامة نقية جعلت كازو اخرساً من الغضب الذي حل به ، فقد ظن دارك بأن كازو سيسعد بأبتسامة نقية الا انه قد اخطأ تماماً فهذه الابتسامة فجرت براكينه المستعرة
امسك بوجه آيـآمي او بالاحرى دارك بقوة كبيرة بيده اليمنى وقد غطت خصلات شعره عينه اليمنى وتحولت اليسرى الى البنفسجي اللامع
شعر دارك بأرتجاف كازو الشديد من الغضب ليرد الاخير ببرود مرعب ممزوج بغضب لا مثيل له : تظن بأنك سوف توقفني بهذا ! انتظر حتى اخرج من هنا ، سوف ارسلك الى مكان تكون الجحيم تحته جنة الخلد الذي يحلم بها الجميع
ذعر دارك من كازو فتراجع مسرعاً ، كانت هذه المرة الاولى التي يخاف فيها دارك من شيء ما ، فهو الظلام بعينه واذا بشيء اكثر ظلمة منه يخرج ، وكأنها اسطورة حية بقيت دفينة دهور التاريخ حتى حان وقت استيقاظها مجدداً
انعصر قلب دارك للحظة وهو يشعر به يتوقف عن ضخ الدم لسبب ما ، لا تزال سيدته تكافح وهو لا يزال يرغب بأن ينفذ امانيها لانه وجد من اجلها فقط ، هو ظلامها , هو ما كان ينمو داخلها منذ سنوات حتى اصبحت لديه ارادة خاصة به فقط !
اخذ نفساً عميقاً حتى شعر بالمقاومة تزول من داخلها ، اعاد النظر الى الجميع واذا بهم دائرة حوله مجتمعين وعلى ما يبدو فأنهم ينوون مقاتلته
ابتسم على غبائهم الشديد ، فقوى آيـآمي في هذه الحال تعادل قوى ساتان تقريباً او اقل منها بقليل فكيف ينوون ان يقاتلوا وريث ساتان الاقوى ؟
حرك دارك شعر آيـآمي الاشقر بتكبر وهو ينظر اليهم باستخفاف شديد ، فهم لا يعرفون ماهية قواها على الاطلاق
صرخ دارك بقوة : هيا انقضوا علي ايتها الوحوش الغائرة في طين النسيان
تحركوا جميعاً في وقت واحد وكازو في ذلك القفص يراقبهم بترقب لنهايتهم المحتمة ،اخرج دارك لفحة هواء من فمه لتهب رياح عاتية شديدة القوة دفعتهم بعيداً وكادت تسلخ جلودهم من على اجسادهم
ثم حرك يديه واذا بهم يطيرون في الهواء وهو يتحكم به ليجلعهم يتصادمون بقوة كبيرة كادت تكسر عظامهم ! ثم حرك يده الى الاسفل واذا بهم يسقطون جميعاً كحبات خرز تتناثر على الارض المستوية
تثاءب دارك بشدة وهو ينظر اليهم بخيبة امل ، فقد توقع اكثر من ابناء ساتان ، الا ان كل الاقاويل هي لا شيء امام قوة وريثته الحقيقة
شعر بشيء ما لينظر الى جهة القصر ، جال في خاطره امر مظلم وغامض ، وان تحقق فسوف يرتكب مجزرة في حق البشرية
اختفى الهاجس واذا به يعود بناظريه الى من القاهم للتو واذا بدانتاليون يركله بقوة على وجه حتى طار واصطدم بأحد الاحجار المتناثرة في المكان
نزف دماً من فمه وهو يصرخ : حقير
مط يديه اولاً ثم جمعهما مع بعضهما البعض وهو ينفذ اختاماً معينة ، اهتزت الارض بقوة من تحتهم لتظهر شقوق فيها سرعان ما اتسعت لتخرج تلك الحمم البركانية من تحتها وهي تتفجر كقنابل صغيرة
قفز الجميع باتجاه الاشجار ما عدا كازو الذي كان اسيراً واذا بالحمم تسرع باتجاهه وهي على وشك ان تقتله !
في لحظة عاد وعي آيـآمي الى الوجود لتسرع بفك اسر كازو وتنتشله من ذلك القفص وسط صدمته البالغة
كانت تحتضنه بقوة كبيرة وهي تتنفس بسرعة لتردف بصعوبة : ا... اخي ! انـ... انا آسفة ، لـ ... لا استطيع ان اتـ ..اتحكم بنفسي
ابتسم كازو وامسكها بقوة وهو يدفنها في حضنه الا انه سرعان ما ابعدها وهي تصرخ بقوة كبيرة لتعود عيناها الى الاحمرار مجدداً ويصرخ دارك : لا تقاومي آيـآمي – ساما
ثم قفز مبتعداً عن كازو وهو يخشى بأن يفقد السيطرة على جسدها مجدداً ، عمل اختاماً لتظهر كرة زجاجية محيطة به ليغلق عينيه بعدها ويغوص داخل قلبه
حيث كانت هي مكبلة بالسلاسل الحديدة وهي تنزف بشدة من كل بقعة في جسدها
اقترب دارك منها وهو ينظر اليها بحزن واسى ويقول : آيـآمي – ساما ! ارجوكِ دعيني اكمل غاية وجودي ، فأنا افعل كل شيء لاجلك
حاولت آيـآمي ان تتحدث الا انها سعلت دماً احمر مائلاً للسواد لتردف بعدها بضعف : توقف دارك ! ارجوك لا داعي لتنفيذ امنياتي ! انت حر في ان تخرج وتفعل ما تريد
انقبض قلب دارك بقوة لتنهمر دموعه دون وعي منه ويردف صارخاً : اذا ما هي غاية وجودي في العالم ؟ ما هو سبب ولادتي داخلك ان كنت سأذهب حراً طليقاً دون ان افعل لكِ شيئاً ؟! كلا لا اريد ، بل اريد تنفيذ رغباتك ومنحك كل ما تريدين ! لانكِ انا آيـآمي – ساما وقد اعطيتني وعياً ولولا هذا الوعي لكنت مجرد جانب شيطاني مختوم القوى لا تستعملينه الا في حالات احتياجك للقوة
شعرت آيـآمي بالحزن على حالة دارك ، وشعرت كذلك بالندم لانها سلمته جزءاً من وعيها بدون شعور منها
تنهدت وهي لا تعرف كيف ترد عليه ، الا انها نطقت بشيء واحد : دارك ! افعل ما تريده ، فالتدمر كونوها ومن ثم اقتلني ولكن بشرط واحد
تعجب دارك فأردف مسرعاً : ماذا ؟!
نظرت اليه بعيون حادة متوعدة وهي تقول : لا تقتل احداً من الموجودين هنا !
ابتسم دارك بقوة ليرد بعدها : .....
في كونوها
كان جالساً يرتب تلك الاوراق المبعثرة في كل مكان ، واذا بهاجس مرعب يجتاح قلبه لتسقط تلك الاوراق من يديه
اسرع الى النافذة وهو يختلس النظر منها الى تلك السحب الرعدية التي تبشر بعاصفة هوجاء ستحل قريباً
لا يعلم لما ولكنه فقط يشعر بأن آيـآمي ليست في وضع جيد على الاطلاق ، فكر بكونه مجرد وهم سببه له جانبه اللاواعي او قد يكون الكيوبي من فعل هذا كي يرعبه قليلاً ويستمتع بوقته
تنهد بقوة ليفتح الباب وتدخل تلك الوردية منه وهي تبتسم له بهدوء حيث قالت : ناروتو ! مالذي تفعله لقد اسقطت الاوراق !
لم يهتم لوجودها على الاطلاق بسبب ذلك الانعصار الغريب في قلبه ، قلقت عليه فاتجهت ناحيته وهي تربت على كتفه قائلة : مالامر ؟! هل حل بك مكروه ؟
لم يرد ان يقول أي شيء عما يشعر به لذا ابتسم ساخراً واردف : كلا ، بل اشتقت الى تناول بعض الرامن فقط
شعرت بالغضب منه فصفعته بقوة وهي تردد : لا داعي لان تخفيني هكذا ، باكا - ناروتو
ثم خرجت وهي تضرب الباب بقوة كبيرة ، وقف هو والانتفاخ لا يزال على وجهه ليعيد النظر الى النافذة ويقول : لا سوف اذهب لاتحقق مما يجري لها
فتح النافذة وخرج منها مسرعاً وهو ينوي ان يطفأ النار التي اشتعلت في قلبه فجأة
ها نحن مجدداً على الوحشة مقدمون
الم يستطع ملاك الموت ان ينتظر للحظة ؟
توالت علي الالام من كل البقاع وانحسرت
في مظالم البشر الذين لم يفهموا
ارادوا ان يستغلوا جهلي وضعفي لهم
الا اني قد كنت بالمرصاد
وحيداً في المعركة كنت انا
وحيداً في الظلام كنت اموت
لم يعرف احد بي ولم يسمع الا ...
اهانني واستحقر كوني هجيناً
الم يعرف البشر من قبل معنى الالم ؟
الم يفقهوا الى ما حلك بين ثنايا اصابعهم ؟
الن يكفوا عن فعل المجازر وبعدها يمثلون الحزن ؟
توقفوا !
انتهيت من نفاقكم الكذاب
انتهيت منكم يا من سرقوا حريتي
لم اعد اريدكم
اختفوا ... تبخروا ... احترقوا كالقذارة !
فأنا الان مجرد وهم يخيفكم ذكر اسمه
مجرد اسطورة تنشر الرعب بين سكان الغابات
لن اكون سلاحكم بعد اليوم
كلا ... لن اكون عبداً لكم يا من سلخوا انفسهم من الحياة
تذكير
عاد ذلك الضوء الابيض للظهور ، وظهر من خلفه كل من ساسكي ، كارين ، جوغو ، سويجتسو ، اوروتشيمارو وكابوتو
الذين كانوا في حالة من الصدمة لا يحسدون عليها ، فما رأوه الان كان ماضي آيـآمي حرفياً مفصلاً
ارتجف ساسكي وردد بصعوبة : مـ ... مالذي رأيناه بحق الجحيم ؟
الوقت الحالي
ارتعاش الاجساد وتوقف العقول عن التفكير , وتلك الدوامة الغير منتهية من الصدمات ، الحال الذي المَّ بهم الان ليس شيئاً بسيطاً يستطيعون نسيانه في ومضة عين ، بل هو امر سيلاحقهم طوال حياتهم الفانية هذه
كان يرتجف بشدة وعيناه على اقصى انبلاج لهما ، الان داخله يختلج اعصار هائج ، متهور ، مدمر ، لا يعرف كيف يتوقف على الاطلاق ، فهو قد شعر بكل قطرة الم شعرت هي بها يوماً
يتمنى الموت لما رآه وسمعه وشعر به ، وكأنه عاش ما عاشته ولكن في بضع لحظات فقط ، هو الوحيد الذي شعر بمشاعرها واحاسيسها كلها دفعة واحدة
لم يسعفه جسده على التحرك الى حين شعر بشيء بارد تحت يديه وهو يسير بتدفق غريب ، رفع يده ليشاهد تلك اللطخة الحمراء مرتسمة بقرمزية بحتة
شعر بالرعب فنظر الى جانبه ، لتتوالى الصدمات عليه ، جسدها كان هاوياً على الارض ، شاحب اللون وعيناها مفتوحتان بضياع شديد
شهق بقوة كبيرة عندما تذكر ما حدث معها هنا ، تحرك بشكل هستيري وهو يرتجف حتى وصل اليها وامسكها ورفعها الى حضنه وهو يحاول ايقاظها
كانت باردة جداً كالأموات ، ملامحها متجمدة وكأنها تمثال حجري اصم ، عيناها تنظران الى الفراغ بضياع وغير ادراك
وخط الدم القرمزي يسيل من فمها متقطعاً حتى يحاول ان يدفئ هذه الجثة الهامدة ، هزها بشكل هستيري وهو يصرخ بعينين مرعوبتين منادياً اسمها ومحاولاً ان يجعلها تستفيق من سباتها العميق
: آيـآمي ! استيقظي ! آيـآمي ارجوكِ لا تموتي ! آيــــــــــــــــــــــــــآمي !
اكتفى الصمت باجابته على ندائه ، لم تصدر أي حركة او ردة فعل على صوته ، فعلى ما يبدو ان لهاثه الحاد الذي يحاول اعادتها الى الحياة من عالم الاموات لم يفده هذه المرة
وكأنما روحها هائمة في المجهول البعيد وسط اللا مكان والزمان ، حيث عالم رمادي بحت من الالم والضياع هو ما يقودهم في طريقهم المظلم هذا
اما من جهة اخرى ، كان واقفاً ويدا ملطختان بدمائها ، ينظر اليها بعينين هائمتين وضائعتين في فعلته الشنيعة
وقف منتصباً يحدق فيها بهدوء وهو يتذكر شعوره عندما اخترقت يده قلبها النابض ، الا انه ألان باهت لا حياة فيه ولا دفء على الاطلاق
استنشق عبير دمائها بعمق حتى تخلل الى داخل رئتيه الواسعتين ليخرج بعدها تنهيدة طويلة تعبر عن الحسرة التي تقبع داخله الان
فهو قد وعد ، وقد نفذ الوعد !
ولكن هل تنفيذ الوعد هو الامر الصحيح ؟ ام هل هو امر خاطئ لفعله ؟
الا انه كان تواقاً لهذه اللحظة التي سينقذها فيها من نفسها الشيطانية ، اللحظة التي سيعيد فيها الزمن الى الوراء محدثاً ما كانت عليه من قبل
رغم ذلك غشاوة شفافة قد تجمعت على عينيه الواسعتين ، حاول ان يكبت دموعه من النزول الا انها ابت ان تبقى في محجر عينيه فانهمرت بسرعة كبيرة
كانت ملامحه جادة لا يبدو عليها البكاء رغم ان عينيه تبكيان بحرقة ، لمس بأطراف اصابعه دموعه المنهمرة وهو متعجب من ردة الفعل هذه التي نفذها جسده لوحده
ظهر شبح ابتسامة على وجهه لتتحول بعدها الى قهقهات شيطانية وهستيرية مليئة بالألم والحسرة والندم
كان الجميع ينظرون اليه بنظرات مرعوبة وغير مصدقة لحال هذا الرجل الواقف ، كان عجيباً في نظرهم بشكل كبير
اعادت كارين بصرها الى حيث يمسك ساسكي بجثة آيـآمي المترامية في حضنه ، وهو لا يزال يصرخ بهتسيرية منادياً اسمها ، لعله يلقى منها أي استجابة تثبت له بأنها لا تزال حية
تجمعت الدموع في محجري عينيها الواسعين وهي تدرك بأن صديقتها الوحيدة قد وافتها المنية امام ناظريها ودون ان تستطيع حتى ان تقدم لها يد العون
وقفت بسرعة ليقف كل من جوغو وسويجتسو معها ويتجهون بسرعة ناحيتها ، انحنوا اليها واخذوا ينادون اسمها ليصدروا ضجيجاً عالياً كان كفيلاً بأحياء الاموات
الا انها فقط ابت ان تفتح عينيها الزرقاوات وتدخل الفرح الى قلوبهم المشوهة بالحزن ، توقف صوت ساسكي فجأة ، وهو ينظر اليها بصدمة وغير استيعاب
ارتجف جسده بقوة كبيرة واخذت دموعه التي تشبه الالماس في لمعانها بالانهمار دون ان يشعر بها ، فقدَ ما قد ادخل السعادة الى حياته ، فقدَ اهم ما ملكه يوماً
فقط في لحظة واحدة تغير مجرى حياته ليتحول دونها الى ظلام مجدداً وكأنما اعيد سيناريو ذلك اليوم الذي فقد فيه والديه ! لحظة ، كلا ... ان هذا الشعور اسوء من شعور فقده لوالديه في ذلك اليوم
يشعر وكأن قلبه قد توقف مثلما توقف قلبها ، يشعر بشيء انتشل من داخله ولطخ بالتراب ، لما عليه ان يقاسي مرارة الفقد للمرة المليون في حياته ؟
شد على رأسها قليلاً وهو يدفنه في حضنه ويبكي بحرقة عليها ، توقع كل شيء الا ان يراها جثة هامدة هكذا ، رفع ناظريه الى كازو ليرتسم الحقد عليهما ويلمع بشرارة حمراء نقية
لم تتغير نظرات كازو الباردة على الاطلاق بل وقف كالصنم دون حراك وهو ينظر اليها لفترة من الزمن ، حتى تحرك قليلاً وهو يسير بخطوات متثاقلة باتجاههم حيث هب كل جوغو وسويتجتسو مستعدين كي يقاتلوه
تنهد بملل ليفرقع بأصبعيه ، تصنّم الجميع دونما حراك وهم على الصدمة قد اقبلوا ، لم يستطيعوا ان يحركوا اجسادهم مطلقاً ، فهو قد قام بتنفيذ تقنية تجعلهم ثابتين في اماكنهم كالصخور المتراكمة في الحطام
وصل الى حيث ساسكي وانحنى اليه وهو ينظر في عينه الحاقدتين الموجهتين اليه بضراوة ، ظهر شبح ابتسامة على وجهه لتضيق عيناه الحمراوات بسخرية بحتة عليه
اقترب منه حتى دنى الى اذنه وهمس بشيء ما ، اتسعت حدقتا ساسكي على اثر ما قاله له كازو منذ لحظات ثم ابتعد عنه ليمد يديه بهدوء محيطاً جسد آيـآمي المتهاوي ليسحبه ناحيته ثم يقف وهو يقربها منه بشدة
اعاد النظر الى ساسكي مجدداً ولكن هذه المرة بنظرات حزينة ومتألمة الا انها مليئة بالقسوة والرغبة العارمة في التدمير والاختزان
اشاح بناظريه عنه وهو يسير بسرعة متثاقلة نحو مكان ما مختلف عن هنا ، بمجرد ان اختفى عن ناظريهم استطاعوا ان يتحركوا مجدداً
ليقف ساسكي منتصباً وهو يشد على قبضته ، تنفسه كان هستيرياً وقد دلّ على ذلك ارتفاع صدره وانخفاضه بسرعة مهيبة
حيث ظهرت الشارينجان في عينه وهو يشد اكثر على قبضته الى حين ادمت من الغضب الجامح الذي حل بنفسه وهو يتذكر صدى ما قاله كازو في رأسه
صرّ على اسنانه بقوة كبيرة وقد كان بأمكان الجميع ان يسمعوا صوت الصرير الذي تقشعر له الابدان من القلق
اخذ نفساً طويلاً وعميقاً ليصرخ بعدها بغضب مدمر كالبراكين ! صرخ بقوة كادت تدمر ما حوله وتشققه الى تراب ، صرخ محاولاً ان يخرج كل ما يختلج داخله من الالم ، الضياع ، الحسرة ، الغضب ، الحقد
صرخ حتى بات صراخه امراً روتينياً في عيني الجميع
توقف بعد برهة ليتنهد بقوة كبيرة ويفتح عينيه على اقصى انبلاج وهو يتوعد كازو بالانتقام ، رغم معرفته التامة بأنه لن يتمكن من ان يهزمه ، ولكن على الاقل سوف يلحق به ضرراً يوازي ما الحقه نفسياً وجسدياً به
التفت الى فريقه ليقول باقتضاب شديد : سنقوم بأنقاذها ! انها لا تزال حية ، اعلم هذا ، وحتى ان كانت ميتة فسوف ابيع روحي كي اعيدها الى الحياة
ضاقت عينا الجميع ليبتسموا بسخرية على حديثه ، اعقبت كارين بعدها بثقة : وهل تظن بأن روحك ستكفي ؟! سوف نقوم ببيع ارواحنا كذلك لاعادتها
علت على وجهه الصدمة للحظات سرعان ما تحولت الى ابتسامة واثقة ليردد : هذا اقل ما اتوقعه منكم
ثم نظر الى جوغو ليقول له بصيغة آمرة : جوغو ! انت تستطيع الشعور بكل الكائنات الحية بفعل لعنتك ! لذا اسأل الطيور واي نوع من الكائنات عن مكان ذلك النرجسي المتعالِ
ابتسم جوغو وهو يهز رأسه مجيباً : سأفعل ذلك
ثم اعاد نظره الى سويجتسو وكارين ليقول لهما : اسمعا علينا ان نضع خطة محكمة تساعدنا على الاطاحة به ولو لثواني ! كارين انتِ استطعتِ ان تشعري بقوته ، قدريها لي !
ظهر التوتر على ناظري كارين لتسأل بغموض : قل لي ساسكي من هو اقوى شخص قابلته في حياتك ؟
تعجب ساسكي من السؤال ولاحت الاسئلة تحوم في ذهنه الا انه فضل الاجابة فقال : ان كان الامر هكذا فسيكون ايتاتشي
زاد توتر كارين لتقول بغبنة : سمعت عن قوة اخيك المهيبة ، وان قارنا قوة ذلك الرجل به فسأقول لك بثقة بأنه يوازي قوة مئة من ايتاتشي او اكثر ، الا انه يقوم بختمها لسبب لا اعرفه
اقشعر جسد ساسكي بقوة عند سماعه حديث كارين ، شعر ببعض الاحباط الا انه طرده سريعاً محاولاً ان يجد طريقة ينقذ بها آيـآمي من بين براثنه دون الحاجة للاحتكاك به مباشرة
كان سويجتسو يسمتع بهدو على غير عادة فقطع صمته البارد بقوله الساخر :لايهم فأنا- ساما لن احصل على اذى منه لاني انا السيد المائي الجميل المغوار !
نظر اليه الجميع بعيون باردة واشاحوا ببصرهم وكأنهم لم يسمعوا لما قاله لهم ، تحطم ليقول بعدها بأحباط : لم اعد الجلمود الذي حطه السيل من علي !
تقدم جوغو منهم بهدوء وعلى وجهه ملامح مضطربة نوعاً ما ليقول : ساسكي ! اتجه ذلك الرجل الى الشمال الشرقي وهذا ليس جيداً على الاطلاق
تعجب ساسكي ليرد باستفهام : لما ؟
ابتلع جوغو ريقه ليقول بنوع من الضيق المختلج بالتوتر محاولاً ان لا ينظر في عيني ساسكي مباشرة : انه نفس موقع ذلك القصر الذي كانت تعيش في فيه طفولتها ، انا متأكد
اتسعت عيناه بصدمة عارمة ، الا انه سرعان ما تجاهل الواقع المرير هذا ووقف وهو ينظر الى السماء بنظرات محتدمة كمعركة ناشبة في الافق
تحجر لبرهة كتمثال حجري الا انه سرعان ما صرخ بعدها بحدة : هيا !
في عالم الشياطين
انقباض قلبه المؤلم لم يختفي ، وشعوره بالارق قد جعله مرتاباً متهوراً ، كلما اراد ان يغمض عينيه يتراءى له وقع جثتها الهامدة على الارض
وكأنما السماء الغيبية تحاول اعلامه بأمر ما ، امر سوف يدمر حياته الى قطع من الزجاج المتناثر على الارضية الرخوة
كل ما يحتاجه الان هو القطرة التي تفيض الكأس من اجل يدمر كل ما حوله ، فهو ليس مستعداً ان يخسر اهم كنوزه على الاطلاق
رغم ان هواجسه السوداء لاحت له من الافق كعاصفة تترقب الوصول حتى تدمر سلام القرية المختبئة بين ضباب الغابات
داخله يقبع ضباب اسود قد ملأ حياته توتراً وقلقاً ، يوقن في اعماقه بأنه ليس الا وحشاً قبيحاً لا يمد للرحمة بصلة ، رغم انه يحاول بشى الطرق ان يغير نفسه للافضل الا انه في كل مرة يطرأ ذلك الامر الحقير الفاسد كي يبعثر آماله واحلامه كما تبعثر الرياح اوراق الاشجار
ضرب ساتان الجدار بقوة كبيرة حتى تصدع ثم اردف بغضب : تباً ! مالذي حدث لكِ يا صغيرتي ؟
تنهد بقوة ثم غطى وجهه بباطن كفيه وهو يتزحلق على الجدار بألم يعتصر كيانه على جلس على الارض
اشتد الالم في قلبه مطبقاً فأخذ يتأوه من قوته اللاذهة التي كانت شهوته في السابق ، فهو لطالما عشق تعذيب نفسه وعشق رؤية دمائه تتناثر على وجوه ضحاياه الميتة
اما الان فهو يخشى ان يشعر بتلك المشاعر مجددا ويخشى ان يرى نبع الدماء المتدفق من بين اسوار خبايا مشاعره
المه سوف يواصل تعذيبه بلا رحمة ، لطالما عذبه هذا الكبرياء الاجش ، يقول له بنبرة ملوك واباطرة مليئة بالتكبر والافتخار
{ تعال ! اصرخ ! وابكي هنا في دائرة عذاب الحالمين }
في طوفان من شهوة العواطف القرمزية يقبع هو نائماً داخل جسده ، قد قتل جانبه المحب للحروب والدماء من اجل ان لا يشعر بهذه الهواجس مجدداً الا انه فقط لم يستطع ذلك فهاهي الان تحاول الاستيقاظ كما استيقظت قبل اثنتي عشر سنة وكاد يدمر كل شيء لفقدانه لمارينا
اغمض عينيه لتتراءى له تلك الرؤية مجدداً
في تلك الليلة وتحت ضوء القمر الفضي صرخت هي بقوة : اهي خطيئة ! ، مقاومة الشهوة والالم ؟
الا ان ما اجابها لم يكن بشرياً لم يكن حتى شيطانياً ولم يكن انسانياً ، بل كانت نفسها البحتة التي ردت عليه بصوت آسر مليء بكبرياء الاباطرة : انا سيد الليل السادي اقسم بندى الصباح بأنكَ ستكون منبع الدماء الخاص بي
وعلت قهقهاته المزمجرة في كل مكان من تلك الانحاء الحالكة التي صورتها انعكاسة البدر الفضي على مياه بحيراتها حالكة السواد
فتح عينيه برعب مما تذكره للتو ووقف وهو يقول بحسرة : لا ازال حبيس اوهام ذكرياتها
فتلك الذكرى وذلك الصراخ لم يكونا له حتى ! بل من قالها وصرخ بها في تلك اللحظة كانت هي ابنته ذات الستة اعوام والتي عانت الامرين في سنوات رغيد حياتها المفترضة
فتح الباب حتى دوى صريره ليخرج جيراهيم من خلفه وعلى وجهه ملامح الاستفهام : والدي ، هل انت بخير ؟
نظر اليه لبرهة من الزمن سرعان ما تجاهل سؤاله ليقول له بنوع من الضيق والامل : جيراهيم ! هل كازو هنا ؟
هنا علا التوتر عليه لدرجة انه تلعثم في كلامه من الخوف الذي ارتسم في قلبه ، فهو شعر بأمر سيء قد حدث وخشي ان يكون له علاقة بآيـآمي فيقوم والده بقتل كازو
اجاب بتوتر وتلعثم واضحين : كـ ... كلا ليس هنا
اتسعت حدقتا ساتان بمشاعر لن يتمكن احد من تفسير ماهيتها حتى ظهر ذلك الانعكاس الاحمر عليها وهو يقول ببرود مرعب : هكذا اذا عصى اوامري !
انتصب جيراهيم كالجنود وهو غير قادر على الكلام ، وقف ساتان محايداً له مباشرةً وهو يقول له بهمس مرعب : اذهب برفقة دان وابحثوا عنه في الحال ! وان تطلب الامر اجلبوه لي معاقاً ، وان لم تتمكنوا من هذا فسآتي بنفسي الى الميدان
شهق جيراهيم بقوة على اخر كلمتين قالهما والده ، فدخول ساتان الى ميدان المعركة معناه الدمار الشامل فما بالك بدخوله الى ميدان البشر ، سوف ينسفهم عن بكرة ابيهم !
ابتلع ريقه بصعوبة وقال بانصياع مملوء بالخوف : حاضر
ثم خرج مسرعاً الى حيث يكون دانتاليون الان وهو يسير بخطى سريعة وخائفة ، وصل الى غرفة دان فركل الباب حتى حطمه و سقط على دان الذي كان واقفاً خلفه
دخل جيراهيم الى الغرفة وهو يصرخ بقوة : دان ! اين انت ؟
جاب ببصره ملامح الغرفة الا انه لم يجده فحك رأسه برعب وهو يقول : يا الهي اين ذهبت في هذا الوقت ؟
سمع صوت دندنة قادمة من تحت قدميه ، وقف شعر رأسه عندما فكر باحتمالية كونه شبحاً ، فحرك رأسه بصعوبة ليرى الباب المحطم والواقف عليه ومن بين جوانبه خرجت يد دان وهي ترتجف وهناك صوت توعد صارم خارج من تحت حديد الباب اللامع
ابتعد جيراهيم عن الباب وركله حتى طار وتعلق بالجدار ليصرخ بقوة على دانتاليون قائلاً : ايها الاحمق ! نحن في وضع الطوارئ وانت تلعب الغميضة ؟
وقف دان الذي اصبح وجهه احمراً من قوة الضربة ليمسك بجيراهيم من ملابسه ويسحبه اليه صارخاً : ايها الاحمق عديم التفكير ! انت ركلت الباب وسقط علي !
توتر جيراهيم ثم اشاح ببصره ليقول باستفهام مليء بالسخرية : هل فعلت ؟
دفع دانتاليون جيراهيم بقوم وطالت اظافر يده ليخترق بها صدر جيراهيم بسرعة كبيرة وينتشل قلبه من صدره وسط ذعر جيراهيم منه
حمله امامه بسخرية ليقول : تعال واستعد قلبك !
تحول وجه جيراهيم الى الاحمر من الغضب ليقول صارخاً مزمجراً : اعد قلبي ايها الاحمق !
اخرج دان لسانه بسخرية وقال بتكبر : كلا يا اخي الصغير سوف ابقي قلبك رهينة لدي
ضرب جيراهيم وجهه بقوة عندما تذكر سبب قدومه الى هنا فرفع بصره الى مستوى دان بجدية ليقول له بجفاف : اسمتع دان ! الامر خطير هذه المرة ، والدي توعد بدخول الميدان ان لم نجلب له كازو في الحال ، لقد حدث امر ما على ما يبدو ! امر لا يبشر بالخير اطلاقاً
انزل دانتاليون يده التي تحمل قلب جيراهيم النابض ليردد بغير تصديق : مهلاُ ! هل شعر الجميع بذلك الهاجس السيئ ؟
دنى بصر جيراهيم من الارض وهو يقول بقلق محاولاً اخفائه : على ما يبدو ذلك
ظهر ظل اسود على وجه دانتاليون من الرعب وهو يفكر باحتمالية كون آيـآمي هي الخيط الرئيسي في الموضوع ، لا يعلم لما ولكن هناك امراً يدور في رأس كازو ، امراً لن تكون عواقبه وخيمة فقط
مد يده ليعطي جيراهيم قلبه فمد الاخير يده واخذ القلب واعاد وضعه في صدره وهما يفكران بما يجب فعله الان !
نظر دان الى جيراهيم وقال : سنذهب الى عالم البشر ، لقد وضعت شيطان تعقب خفي على كازو من فترة وسوف يدلنا على مكانه
هز جيراهيم رأسه بالايجاب دلالة على موافقته للامر وانطلقا بسرعة نحو مكان البوابة في البهو العظيم
في عالم البشر
وصل للتو الى اطلال ذلك القصر المحترق ، حيث يحمل جثة اخته التي احبها اكثر من أي شيء في هذا العالم
اخذ نظرة خاطفة مليئة بالشغف عليها ليضعها على ما يشبه المذبح ، الذي اعده سابقاً قبل ان يقوم بقتلها
تحسس وجنتها بيده ليقوم بعدها بأغلاق عينيها الشاحبتين الميتتين بهدوء ويمسح خط الدمر القرمزي عن فمها
تنهد بألم وهو يخرج سكيناً من بين ملابسه ويقوم بانتشاله من مسكنه وهو ينظر اليه بطرف عينيه ، فهذا السكين خاص بمارينا وقد اهدته له عندما كانت في عالم الشياطين وقت حملها ، وقد احتفظ به الى يومه هذا لانه يحترمها
فتح باطن يديه ليقوم بجرح نفسه بالسكين الحاد ، اخذ الدم يسيل بغزارة منه وقد منعه من التجلط حتى لا يشفى الجرح في الحال
انحنى الى الارض وهو يرسم دائرة حول المذبح لتحيطه بها وتكون حماية كي لا يحدث امر لا تحمد عواقبه فيما بعد
انتهى من رسم الدائرة بعد مدة قصيرة ليقف واذا بجرحه يشفى تماماً وكأنه لم يكن ، اعاد النظر الى وجهها الشاحب الخالي من الراحة والطمأنينة
تحرك حتى وصل الى البقعة التي يريدها وهي فوق رأسها تماماً ، وضع يديه على جوانب رأسها وهو يردد عبارات غير مفهومة على الاطلاق
حيث كان يردد في نفسه : سأعيدك الى بشريتك يا صغيرة ، سأرى تلك الابتسامة مجدداً
اخذ شعره يطفو في الهواء وهو يحيط جسده بهالة بيضاء من الطاقة ، اغمض عينيه لثانية ليفتحها بعدها واذا بها تحولت تماماً للبياض
اكمل ترديد تلك العبارات وهو يقول : سانتو بانتيونو ساراداي ماركي استربينوا ديتينابي سايتوبا
فعلى ما يبدو هذه نوع من الطقوس القديمة للشياطين في تحرير كل منبع الشرور الموجودة في الجسد لاجل تنقية الشخص وجعله شيطاناً نقياً ولكن هنا تعمل العكس فهو يريد ان يخلصها من الجانب الشيطاني الذي عذبها تماماً !
ظهرت تلك اللمعة الغريبة في الهواء دلالة على صنع حاجز حامٍ حتى لا تخرج عن السيطرة ويعود ظلامها الى وعيه الان
الا ان ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد ظهر ضوء قوي قد شق السماء من شدة بياضه وقطع على كازو ما كان يفعله من تحرير لآيـآمي
تحرك كازو قليلاً عندما آلمته عيناه من قوة الضوء وقد تلاشى ببطء حتى شعر بتلك اللكمة على وجهه التي اسقطته ارضاً
ارتمى جسد حار عليه وقد كان يغلي من الغضب ، فتح عينيه على صوت صراخ مزمجر كاد يصمه : ايها الحقير ! مالذي فعلته ؟ مالذي اقترفته يداك ؟
اتسعت عيناه على رؤيته لملاح دان الغاضبة والتي كانت تعبر عن حقد كبير ، اردف دان مكملاً : لما قتلتها ايها الغبي ؟ هل تريد الموت كذلك ؟ انت لم تتوقف عن فعل الحماقات منذ ان اخبرناك بالتوقف وانت الان في نقطة اللا عودة ولن يرحمك والدي مطلقاً !
احمر وجه كازو من الغضب وركل بقوة دفعته بعيداً ليقف وهو يصرخ : لما قاطعتموني ؟! كان بالامكان انقاذها والان اخشى بأنكم قد افشلتم المهمة !
تعجب دانتاليون من كلام كازو الغير مفهوم فغير ناظريه الى حيث جيراهيم يخرج آيـآمي من المذبح ودائرته
حينها شهق كازو بقوة كبيرة ارعبت دان ليزمجر بغضب الوحوش : لا تفعل ذلك ! اياك ان تخرجها من الدائرة !
الا ان جيراهيم لم يسمع كلام كازو وقام بانتشال آيـآمي من مكانها ! هنا شعر كازو بأن الدنيا حوله اصبحت سوداء ، خفتت آماله كلها وقلبه قد بهت تماماً ، تعجب لتحول رؤيته للرمادي من حوله وجسده يرتجف برعب شديد وهو يدرك ما سيحدث بعد لحظات
وقع على ركبتيه وعيناه متسعتان بذعر ليقول بهدوء واستسلام وعدم تصديق : لقد دمرتم كل شيء ! ما كان عليكم ان تقاطعوا مراسم احياء بشريتها ، ما كان عليكم ان تقتلوها مجدداً ! كان من المفروض ان اكون انا الذي ينقذها من عذابها الازلي كما وعدتها ، الا انكم افسدتم كل شيء
صرخ بعدها بقوة كبيرة صمت آذانهم من قوتها وهو يخرج الحسرة التي اختلجت داخله الان ، بدأت دموعه تسقط بحرارة عندما ادرك ما سيحدث لها بعد ثوان فقط
ومن جهة اخرى وصل ساسكي وفريقه الى حيث هم وقد شاهدوا ما حدث وشاهدوا كلام كازو لدان الا انهم لم يفهموا ما حدث بشكل كامل
شاهد ساسكي جيراهيم وهو يحمل آيـآمي فشعر بنوع من الغضب لانهم وصلوا اليها قبله ، الا انه تجاهل الامر عندما ادرك انهم قد انقذوها من بين يدي كازو ، او هذا ما يظنونه
اما هي فلا حياة لمن تنادي ، لا تشعر بشيء ولا تفقه شيئاً ، في عالم اسود من بحار الظلمة هي تعوم حتى تصل اليها تلك السلاسل الفضية لتحيط جسدها بلوعة الموت وتسحبها الى اعماق غياهب ذلك المحيط الاسود المكون من الالم والطغيان والحسرة
عيناها مغلقتان بشدة وهي غير قادرة على فتحمها ، تشعر بالحياة تسحب منها كما يسحب الطبيب الدم من العروق ، هذه ليست النهاية الشنيعة التي تمنتها ولكن لا بأس ، مادامت ستموت فأن اقصى امنياتها ستتحقق الان حتى وان فقدت كل سنبلة من ذكرياتها في طريق الموت الشاحب
: كلا ! لا تزال امانيكِ لم تحقق الى الان ، سيدتي ! علي ان احقق ما خلقت لاجله
شعر جيراهيم بنوع من الحرارة في جسد آيـآمي فاستبشر خيراً من هذا ، ابتسم وهو ينظر اليها ويقول بسعادة : آيـآمي !
فزع كازو ورفع رأسه بسرعة كبيرة ليجد نفسه في نوع من الاقفاص الفولاذية التي تستطيع ان تحبس الشياطين فيها حتى ان كانوا ابناء ساتان
نظر الى جسد آيـآمي واذا به يصرخ فزعاً : اياكَ ان تتركها تستيقظ ! اياك ان تترك الظلام يرى النور !
لم يفهم الجميع قصده واذا به ينظر الى دان ليقول بحقد : اخرجني من هنا دان ! علي ان اوقفها والا فأن هذه المرة ستختفي آيـآمي الحقيقية الى الابد
كان دان فزعاً ، خائفاً ومتوتراً ، لا يعلم قصد كازو على الاطلاق ، اقترب ساسكي بسرعة من قفص كازو ليقول بصراخ : مالذي تعنيه ؟ مالذي فعلته ؟
نظر اليه كازو بحقد فأخرج يده من بين فتحات القفص ليمسك برأس ساسكي ويضربه بقوة في القفص ليقترب منه وهو ينظر اليه بغضب شديد ، لدرجة ان ساسكي كان يشعر بلفحات انفاسه الحارقة وهو يقترب منه قائلاً بغضب ممزوج ببرود قاتل :
كان من المفترض ان انتشل ظلامها وجانبها الشيطاني واعيدها الى حقيقتها البشرية ، وقد قضيت اثنتي عشر سنة وانا اعد لهذا اليوم الذي سأريحها فيه من عذابها لكونها هجينة ، كنت اريدها ان تعود الى كونها بشرية ، اردت ان ارى ابتسامتها الصافية والنقية مجدداً ، اردت ان املأ حياتها بالفرح والسعادة ، بدل تلك الهموم التي اثقلت كاهليها ، والطريقة الوحيدة هي ان اقتلها لبعض الوقت ، فعلى الرغم من كونها نصف انسانة الان ونصف شيطانة فقط فهذا يعني بأن قدراتها الشيطانية هي النصف فقط وليست كاملة مثلما تكون شيطانة بحتة ، لذا طعنها في قلبها سيقتلها لبضع ساعات فقط ! وقد فعلتها وجلبتها الى هنا حتى استخرج كل قطرة كلام وشيطانية منها الا ان دان قد قاطعني وافسدت المراسم ! لذا فأن ما سيحدث الان هو اسوء من الجحيم نفسه ! سوف تعود الى كونها الشيطان الاسود القادم من الجحيم ! ولكن هذه المرة بأرادة الظلام لا بأرادتها !
لم يعرف ساسكي ان كان يتنفس وهو يسمع كلام كازو ام لا ، كل ما يعرفه بأن هذا الرجل القابع امامه في زنزانة غريبة هو شخص اراد الخير لآيـآمي كما يريد هو ولكن فقط الجميع فهمه بشكل خاطئ وبسبب هذا الخطأ فأن كلاً من آيـآمي وكازو هما من سيدفعان الخطأ
لا تزال لفحات انفاس كازو الحارقة تضرب وجه ساسكي دليلاً على غضبه وحقده ، توازن تنفسها في السرعة الخيالية تلك ! شد كازو على شعر ساسكي بقوة واخذ يضرب برأسه القضبان الحديدة بين محاولات ساسكي للافلات من بين يديه الا انه لم يستطع
ادمى رأس ساسكي تماماً الا ان نظراته الغاضبة لم تفارق وجهه واذا به يمسك كازو بنفس الطريقة ليضرب رأسه بالزنزانة كذلك من الغضب
كل منهما يضرب رأس الاخر حتى ادميت رؤوسهما تماماً وهما لا يزالان يخرجان الحقد الدفين داخلهما ! اسرع دانتاليون بأبعاد ساسكي الذي يتنفس بطريقة هستيرية عن كازو وهو يشعر بالرعب منهما
حيث صرخ ساسكي بقوة : لما فعلت ذلك لوحدك ؟ كان بأمكان الجميع مساعدتك على هذا ! لما حملت هذا العبء القاتل وحدك ؟
امسك كازو بالقضبان وهو يهزها بعنف لدرجة انها كادت تتحطم وهي غير قابلة للتدمير ليقول بغضب : ومالذي تريدني ان اقوله !؟ مرحباً ابي سوف اقتل ابنتك كي احررها من ظلامها ووحشتها ؟! لا تمزح معي ايها التافه الحقير ! افضل ان احمل العبء لوحدي على ان اتحمل اخطاء غيري في هذه العملية الصعبة !
وقفا فقط يتبادلان نظرات الحقد فيما بينهما والجميع عاجز عن فعل شيء لهما حتى يتوقفا عما يفعلانه الان !
ولكن عند الدفة الاخرى كان جيراهيم مرعوباً وخائفاً اشد الخوف مما يشعر به صادراً من آيـآمي ، فهذه التشاكرا المرعبة بلا شك تشاكراها عندما تكون بحالتها الشيطانية الكاملة ، وهذا يعني شيئاً واحداً هنا ، وداعاً يا عالم البشر !
انزلها على الارض وهو يفكر بشيء يفعله حتى يوقف ما يحدث ! ندم في هذه اللحظة على شكه بكازو ومقاطعته لمراسمه ! لانه ان لم يفعل لكان كل شيء بخير ولكن هيهات من بحيرة الندم المسمومة
ابتعد عنها واسرع الى حيث دانتاليون وهو يحدثه بما يجري ، فزع دانتاليون كذلك وفكر بنفس افكار جيراهيم الا انه فقط فكر بأن يقتلها تماماً في هذه المرحلة ، لا يعلم كيف طرأت الفكر على باله ، فقط يعلم بأنه لا يقدر ان يقتل اخته ابداً حتى وان فكر بالامر
ضرب الارض بقوة كبيرة فاهتزت ليعيد نظره الى كازو المحبوس وهو يضرب رأسه الدامي بالقضبان حتى يتهشم وثم يشفى وثم يعيد ضربه حتى يتهشم وهكذا
اقترب منه بسرعة كبيرة وهو يحاول منعه من تعذيب نفسه ليصرخ به زاجراً : مالذي ستستفيده من تعذيب نفسك ؟ ما حدث قد حدث وانتهى الامر !
نظر اليه كازو بحقد لامع باحمرار في عينه وهما متسعتان بقوة ليقول بعدها ببرود وهو يسمك بيد دان : لولا تدخلك لانتهى الامر بسلام ! اللعنة عليك دان
تعجب دان من برود كازو ، الا تعجبه زال عندما قام الاخير بشد يد دان بقوة كبيرة حتى اقتلعها من مكانها ، تأوه دان من الالم وهو يرى كازو يحمل يده المقتلعة بيد وهو يضغط عليها بشدة ، آخر ما توقعه هو ان يفقد كازو عقله لهذه الدرجة الغير معقولة
القى كازو باليد ليستند على القضبان ويريح نفسه وهو يقول : ستشفى يدك ايها الطفل هل نسيت ذلك ؟
اما ساسكي وفريقه هم الهوامش الموجود هنا ، لا يعلمون شيئاً وقد نسوا امر خطتهم تماماً وهو يراقبون ما يفعله الاشخاص المجانين امامهم
شعرت كارين بتشنج قوي ومؤلم لدرجة البكاء ! فتجمعت الدموع في عينيها وهي تنظر الى آيـآمي النائمة على الارض بهدوء وهي تردد : لـ..لا ... مسـ...مستحيل !
من بين الحنين والشوق ليقظتها مجدداً ومن بين الجدران الصماء التي اخذتها بعيداً ، سوف تمتد يد طاغية تدمر كل الامال في لحظة واحدة فقط وتبعث اليأس في قلوب الناس اجمعين حتى لا يعود لهم مكان للهرب الا تلك الكهوف السحيقة والمظلمة التي لا يتخللها الا الالم والرعب والترقب الهوسي
في ثانية ظهر شكل غريب اسفل جسد آيـآمي وامتد الى مساحة كبيرة ليكسر بعدها بقوة ، فتحت آيـآمي عينيها بقوة كبيرة وكأنما هما باب قد انبلج على مصراعيه !
وقفت على ركبتيها وهي تنظر الى السماء بعيون مصدومة سرعان ما تحولت الى اللون الاحمر البراق ليتطاير شعرها بقوة على اثرها
رفعت كفيها واذا بأصابعها ترتجفان بقوة وهما يتحطمان ويسمع صوت تحطم عظامها من قوته ، اخذت تصرخ بصوت مدوي وهي تعبر عن الالم الذي اجتاح كيانها الان
وضعت يديها على رأسها من الالم وهي تصرخ لدرجة ان حبالها الصوتية وان قطعت فلا تزال صرختها مدوية في كل الارجاء
بدأ جلدها يتحول للون الاحمر وتظهر عليه نتوءات غريبة منتفخة ، وكأنما هي القيت في نار مستعرة وبدأ جلدها بالذوبان
اخذت تصرخ واذا بجلدها يزيد احمراره بمرور الثواني
صرخ ساسكي بخوف شديد وهو يركض باتجاهها : آيـآمي !
الا ان دانتاليون اوقفه بصعوبة وهو يحاول ان يفهم ما يجري هنا ، فهذه ليست مراسم الاستيقاظ حتى يحدث هذا الامر البشع !
وضعت يديها على وجهها واذا بجلدها انسلخ تماماً وتطايرت دمائها على وجوه الجميع بما فيهم كازو الذي مد يده اليها وهو يقول متحسراً : لم ارد ان تصل الامور الى هذا
سقطت يداها تترنح في الهواء بدون حراك واذا بجلدها يتكون مجدداً عليها وهو تبتسم بشر نقي قد حسر كل الشرور فيها
بعد ان اختفى كل اثر لعذابها وقفت وهي بنفس الابتسامة ، نظرت الى الجميع بعيونها الحمراء اللامعة وهي تنحي كخادم وتقول : سررت بلقائكم جميعاً ، ارجوكم نادوني بـ دارك ! وانا اكون ظلام سيدتي آيـآمي
· ملاحظة : دارك راح يكون مسيطر على جسد آيـآمي لكني راح اتكلم عنه بصيغة المذكر
سرت القشعريرة في اجساد الجميع وهو ينظرون اليها ، تقدم جيراهيم منه ليقول : ظلام آيـآمي ؟
اتسعت ابتسامته الشيطانية ليقول بعدها : اجل الظلام الذي صنعته لتهرب اليه عندما تشعر بالخوف والوحدة
اقترب دان الذي شفيت يده وعادت ليجره بغضب جامح ويقول : سوف نفصلك عنها
اختفت ابتسامة دارك المتجسد بجسد آيـآمي وهو يقول : كلا ! هذا امر مستحيل فهي انا وانا هي ، نحن كيان واحد لا يمكن فصله ابداً ! ان فصلتني ماتت وان فصلتها مت
ابتعد دانتاليون بعد ان دفعه بقوة ليقول : لقد ختمك كازو ! لقد قال بأنك لن تخرج حراً مجدداً
عادت الابتسامة لوجهها بل لوجهه وهو يقول : علي ان اعترف ، السيد كازو شخص عبقري لم التقي مثله في حياتي ، فقد استطاع ختمي بسهولة عجر عنها الجميع ، وكاد يفصلني بشكل تام وممتاز عنها منذ قليل لولا تدخلكما
اهتزت عينا دانتاليون ليردف بعدم تصديق : مالذي تعنيه ؟
اخذ دارك يلعب بشعر آيـآمي الاشقر ويقول : اعني انه لولاك لكنت الان في طي النسيان منفياً في اللا مكان مجدداً ، ولكانت هي متحررة مني ومن شيطانيتها البحتة ، لذا انا اشكرك عزيزي دانتاليون
سقط دانتاليون على ركبتيه من الفزع والانكار ، تمنى لو ان الزمن يعود حتى لا يتدخل فيما كان كازو يفعله ، ولكن هيهات فأن الزمن لا يعود ما ان ينقضي
اتجه دارك ببصره الى حيث ساسكي ، فانقبض قلبه ، وكأنما آيـآمي تحاول الخروج وتولي السيطرة مجدداً
اخذ يسير ناحية ساسكي حتى وصل اليه واحاط رقبته بيديه وهو يقول بغيض : لما تهتم سيدتي لشخص مثلك ؟ لا حاجة بها الى الحب او أي مشاعر جيدة يجب عليك ان تموت فقط
دفع ساسكي جسد آيـآمي بقوة كبيرة وهو ينظر اليه بحقد ويقول : كلا ! سوف تعيد المزعجة الي وان اضطررت الى تقطيعك ومن ثم اعادة تجميعك حتى تعود هي
تعجب دارك كثيراً من هذا الكلام وبان هذا على وجهه واذا به ابتسم حتى تحولت تلك الابتسامة الى قهقهات شيطانية من الضحك الهستيري
اردف وهو لا يزال يضحك : اتظن حقاً بأني سأسمح لك بأن تعيد سيدتي ؟ كلا ، علي ان احقق احلامها ! لهذا وجدت انا في هذا العالم ، انا كلي لها ! انا خادمها المطيع الذي لن يخونها ابداً ! انا من كانت ترمي بنفسها في حضن ظلامه عندما تشعر بالرعب والفزع ! انا حاضن اسرارها وكينونتها ! لن تساوي امامي شيئاً ايها الصعلوك الغبي
انخرس ساسكي امام كلام هذا الدارك الغريب ! فهو قد قال كلاماً لا يمد للواقع بصلة ! فكيف يرد على مجنون يظن نفسه كل شيء في الوجود ؟
اشتعلت عينا ساسكي بالنيران وهو يقول : اعد لي فتاتي ايها اللعين والا ...
قاطعه دارك بحدة : والا ماذا ؟ سيد ساسكي ؟
تركه ساسكي بعدما نظر الى عينيه الحمراوات اللامعات ! شعر بنوع من الضياع عندما نظر اليهما وكأنهما اوقعتاه في دوامة من الجهل وعدم الوعي
سقط على ركبتيه عاجزاً عن الحراك لينحني دارك الى مستواه وهو ينظر اليه بنظرات متعجبة ، نظر ساسكي الى ملامحه الهادئة التي هي بالاصل ملامح آيـآمي ، شعر بالضيق من كون مالك هذا الوجه والجسد غير حاضر في هذه اللحظة
ابتسم دارك وهو يحيط وجه ساسكي بيديه ويقول : عندما كنت تقبلها كانت هناك مشاعر غريبة تتفجر فيها ، وكأنما هي قنبلة موقوتة تحتاج لبعض الدفع حتى تنفجر ! رغم انها قابلت كل انواع الرجال الا انك الوحيد الذي جعلتها تبدو فتاةً حقاً ، هذا يزعجني جداً
لا يزال محيطاً وجه ساسكي وعلى وجهه نظرات غامضة لا تفسر على الاطلاق ، اقترب منه ببطء حتى تطابقت شفتاه مع شفتا ساسكي المصدوم ، ظل هكذا لبعض الوقت حتى ابتعد عنه بعد برهة وهو يبتسم بخبث مردفاً : يالها من شفاه مخملية ، لا عجب من ان سيدتي تتوتر اشد التوتر عندما تقبلها
لا يعلم لما ولكنه شعر بالاشمئزاز من لكنة هذا الشخص المسيطر على جسد آيـآمي ، دفعه بقوة وسط ذهول دارك الذي لم يتوقع ان يقوم برفض جسدها على الاطلاق
ابتسم بسخرية وهو يبتعد عن ساسكي وهو يردف : على اية حال سوف اقوم بتنفيذ امنياتها ومن ثم سأختفي
تدخلت كارين لتقول بغضب : وماهي امنياتها ؟!
نظر اليها دارك بغضب للحظة الا انه سرعان ما ابتسم بهدوء ليقول : بالطبع ! اولاً تدمير كونوها ومن ثم موتها
ثم ضحك بسخرية محضة منهم لان علامات الصدمة قد ارتسمت على وجوههم كافة ، حتى كازو المحبوس الذي لم يكن له قوة كي يتحدث صدم من امنياتها هذه
تحرك بصعوبة لان هذا القفص يستنزف قواه ليمسك بالقضبان بضعف ويقول : اياك وان تفعل هذا ! اياك وان تؤذيها
انتبه دارك على كازو ليسير نحوه حتى وصل اليه فانحنى الى مستواه وابتسم ابتسامة نقية جعلت كازو اخرساً من الغضب الذي حل به ، فقد ظن دارك بأن كازو سيسعد بأبتسامة نقية الا انه قد اخطأ تماماً فهذه الابتسامة فجرت براكينه المستعرة
امسك بوجه آيـآمي او بالاحرى دارك بقوة كبيرة بيده اليمنى وقد غطت خصلات شعره عينه اليمنى وتحولت اليسرى الى البنفسجي اللامع
شعر دارك بأرتجاف كازو الشديد من الغضب ليرد الاخير ببرود مرعب ممزوج بغضب لا مثيل له : تظن بأنك سوف توقفني بهذا ! انتظر حتى اخرج من هنا ، سوف ارسلك الى مكان تكون الجحيم تحته جنة الخلد الذي يحلم بها الجميع
ذعر دارك من كازو فتراجع مسرعاً ، كانت هذه المرة الاولى التي يخاف فيها دارك من شيء ما ، فهو الظلام بعينه واذا بشيء اكثر ظلمة منه يخرج ، وكأنها اسطورة حية بقيت دفينة دهور التاريخ حتى حان وقت استيقاظها مجدداً
انعصر قلب دارك للحظة وهو يشعر به يتوقف عن ضخ الدم لسبب ما ، لا تزال سيدته تكافح وهو لا يزال يرغب بأن ينفذ امانيها لانه وجد من اجلها فقط ، هو ظلامها , هو ما كان ينمو داخلها منذ سنوات حتى اصبحت لديه ارادة خاصة به فقط !
اخذ نفساً عميقاً حتى شعر بالمقاومة تزول من داخلها ، اعاد النظر الى الجميع واذا بهم دائرة حوله مجتمعين وعلى ما يبدو فأنهم ينوون مقاتلته
ابتسم على غبائهم الشديد ، فقوى آيـآمي في هذه الحال تعادل قوى ساتان تقريباً او اقل منها بقليل فكيف ينوون ان يقاتلوا وريث ساتان الاقوى ؟
حرك دارك شعر آيـآمي الاشقر بتكبر وهو ينظر اليهم باستخفاف شديد ، فهم لا يعرفون ماهية قواها على الاطلاق
صرخ دارك بقوة : هيا انقضوا علي ايتها الوحوش الغائرة في طين النسيان
تحركوا جميعاً في وقت واحد وكازو في ذلك القفص يراقبهم بترقب لنهايتهم المحتمة ،اخرج دارك لفحة هواء من فمه لتهب رياح عاتية شديدة القوة دفعتهم بعيداً وكادت تسلخ جلودهم من على اجسادهم
ثم حرك يديه واذا بهم يطيرون في الهواء وهو يتحكم به ليجلعهم يتصادمون بقوة كبيرة كادت تكسر عظامهم ! ثم حرك يده الى الاسفل واذا بهم يسقطون جميعاً كحبات خرز تتناثر على الارض المستوية
تثاءب دارك بشدة وهو ينظر اليهم بخيبة امل ، فقد توقع اكثر من ابناء ساتان ، الا ان كل الاقاويل هي لا شيء امام قوة وريثته الحقيقة
شعر بشيء ما لينظر الى جهة القصر ، جال في خاطره امر مظلم وغامض ، وان تحقق فسوف يرتكب مجزرة في حق البشرية
اختفى الهاجس واذا به يعود بناظريه الى من القاهم للتو واذا بدانتاليون يركله بقوة على وجه حتى طار واصطدم بأحد الاحجار المتناثرة في المكان
نزف دماً من فمه وهو يصرخ : حقير
مط يديه اولاً ثم جمعهما مع بعضهما البعض وهو ينفذ اختاماً معينة ، اهتزت الارض بقوة من تحتهم لتظهر شقوق فيها سرعان ما اتسعت لتخرج تلك الحمم البركانية من تحتها وهي تتفجر كقنابل صغيرة
قفز الجميع باتجاه الاشجار ما عدا كازو الذي كان اسيراً واذا بالحمم تسرع باتجاهه وهي على وشك ان تقتله !
في لحظة عاد وعي آيـآمي الى الوجود لتسرع بفك اسر كازو وتنتشله من ذلك القفص وسط صدمته البالغة
كانت تحتضنه بقوة كبيرة وهي تتنفس بسرعة لتردف بصعوبة : ا... اخي ! انـ... انا آسفة ، لـ ... لا استطيع ان اتـ ..اتحكم بنفسي
ابتسم كازو وامسكها بقوة وهو يدفنها في حضنه الا انه سرعان ما ابعدها وهي تصرخ بقوة كبيرة لتعود عيناها الى الاحمرار مجدداً ويصرخ دارك : لا تقاومي آيـآمي – ساما
ثم قفز مبتعداً عن كازو وهو يخشى بأن يفقد السيطرة على جسدها مجدداً ، عمل اختاماً لتظهر كرة زجاجية محيطة به ليغلق عينيه بعدها ويغوص داخل قلبه
حيث كانت هي مكبلة بالسلاسل الحديدة وهي تنزف بشدة من كل بقعة في جسدها
اقترب دارك منها وهو ينظر اليها بحزن واسى ويقول : آيـآمي – ساما ! ارجوكِ دعيني اكمل غاية وجودي ، فأنا افعل كل شيء لاجلك
حاولت آيـآمي ان تتحدث الا انها سعلت دماً احمر مائلاً للسواد لتردف بعدها بضعف : توقف دارك ! ارجوك لا داعي لتنفيذ امنياتي ! انت حر في ان تخرج وتفعل ما تريد
انقبض قلب دارك بقوة لتنهمر دموعه دون وعي منه ويردف صارخاً : اذا ما هي غاية وجودي في العالم ؟ ما هو سبب ولادتي داخلك ان كنت سأذهب حراً طليقاً دون ان افعل لكِ شيئاً ؟! كلا لا اريد ، بل اريد تنفيذ رغباتك ومنحك كل ما تريدين ! لانكِ انا آيـآمي – ساما وقد اعطيتني وعياً ولولا هذا الوعي لكنت مجرد جانب شيطاني مختوم القوى لا تستعملينه الا في حالات احتياجك للقوة
شعرت آيـآمي بالحزن على حالة دارك ، وشعرت كذلك بالندم لانها سلمته جزءاً من وعيها بدون شعور منها
تنهدت وهي لا تعرف كيف ترد عليه ، الا انها نطقت بشيء واحد : دارك ! افعل ما تريده ، فالتدمر كونوها ومن ثم اقتلني ولكن بشرط واحد
تعجب دارك فأردف مسرعاً : ماذا ؟!
نظرت اليه بعيون حادة متوعدة وهي تقول : لا تقتل احداً من الموجودين هنا !
ابتسم دارك بقوة ليرد بعدها : .....
في كونوها
كان جالساً يرتب تلك الاوراق المبعثرة في كل مكان ، واذا بهاجس مرعب يجتاح قلبه لتسقط تلك الاوراق من يديه
اسرع الى النافذة وهو يختلس النظر منها الى تلك السحب الرعدية التي تبشر بعاصفة هوجاء ستحل قريباً
لا يعلم لما ولكنه فقط يشعر بأن آيـآمي ليست في وضع جيد على الاطلاق ، فكر بكونه مجرد وهم سببه له جانبه اللاواعي او قد يكون الكيوبي من فعل هذا كي يرعبه قليلاً ويستمتع بوقته
تنهد بقوة ليفتح الباب وتدخل تلك الوردية منه وهي تبتسم له بهدوء حيث قالت : ناروتو ! مالذي تفعله لقد اسقطت الاوراق !
لم يهتم لوجودها على الاطلاق بسبب ذلك الانعصار الغريب في قلبه ، قلقت عليه فاتجهت ناحيته وهي تربت على كتفه قائلة : مالامر ؟! هل حل بك مكروه ؟
لم يرد ان يقول أي شيء عما يشعر به لذا ابتسم ساخراً واردف : كلا ، بل اشتقت الى تناول بعض الرامن فقط
شعرت بالغضب منه فصفعته بقوة وهي تردد : لا داعي لان تخفيني هكذا ، باكا - ناروتو
ثم خرجت وهي تضرب الباب بقوة كبيرة ، وقف هو والانتفاخ لا يزال على وجهه ليعيد النظر الى النافذة ويقول : لا سوف اذهب لاتحقق مما يجري لها
فتح النافذة وخرج منها مسرعاً وهو ينوي ان يطفأ النار التي اشتعلت في قلبه فجأة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق