الخميس، 17 يوليو 2014

البـــــآرت ( من بين تلبد الغيوم ! ) الرابع و الثلاثون

صورة والدة كازو












هزمنا وانتهى الوقت

وانطفأت شمعة الوجود

انتشرت بذور الفوضى مجدداً

منادية هذا العالم المظلم

انتهى الوقت وانتهت اللعبة

وانكشف الغطاء الذي ستر ما اخفته القلوب

ومن بين اغوار الجحيم صدى الزجل مزمجراً

وانقضت ليلة كئيبة اخرى

انفضت بعض الاوصال من على جذورها

وخفتت منها ملامح الحياة

انصاعت لما قادها له المسير

ولما جثم عليها من ستار الحرير

لا يزال قلبها نابضاً رغم

انها مدفونة تحت تراب التدمير

لا فرق بين من اختفى وسط السكون

وبين الذي اخفى الوجود

فكلاهما خسرا اللعبة الاولى

ولن يكون لهما فرصة اخرى

انبلجت الابواب على مصراعيها بعد برهة

واتسعت حدقات اعين الحاضرين

الى تلك الجثة الهامدة على الطريق

والى تلك الرغبة الشديدة بالسعير

لا يضاهي هذا الالم الحزين

أي شعور آخر مثيل

لا تحاول ان تنقذها لانها

مجرد كيان قد خفت من الحبور
















تذكير

الجميع كانوا على اعصابهم ينتظرون حركة دارك التالية ، وبحركة سريعة حرك دارك يده من اجل ان يقطع حنجرة ساسكي وسط صراخ الجميع وصدمتهم

طارت تلك السكين من يد دارك وسقط ساسكي على الارض وكازو بالذات ينظر الى دماء آيـآمي التي تناثرت في الجو والى ذلك الشعر الذهبي الذهبي الذي تطاير معها

وذلك الصوت الذي حل كالرعد في رعبه قائلاً : انت مجرد زيف وهمي علي ان امحوك كما اوجدتك

وبشكله المرعب هذا تذكر كازو ذلك اليوم الذي .... قُتلت فيه والدته !







الوقت الحالي


من بين آهات قلبه وانبلاج حنين نبضاته ، تعجب من احمرار قطرات الدم تلك ، التي لمعت وسط الفراغ الذي ملأ عينيه رهبة وانتماء

تذكر ذكريات من ماضٍ بعيد ، ذكريات لم يكن عليها ان تستيقظ من جديد ! ، لعل مشهد والده وهو يهاجم اخته بتلك الطريقة قد ايقظ شيئاً كان نائماً داخله

شعور بالوحدة ... الالم ... شعور الصراع ... القتال والتدمير

كلها اجتمعت داخله كدوامة من الالم لم ترحم قلبه الذي نبض بسرعة كأنه رياح عاتية تريد تدمير الجبال الثابتة

صوت داخله راح يردد جملة لطالما كره سماعها في حياته " كسعة السماء الرزقاء اردت ان احميك من كل ما اقترفته يداي ! "

لامست تلك القطرة القرمزية وجهه واخذت تنزلق عليه الى ان سقطت على يده المرتجفة وهو يتذكر احداثاً قد حصلت منذ بداية فجر التاريخ السحيقة






فلاش باك


لنعد الى ماضٍ بقي في طيات التاريخ لآلاف السنين ، لنعد الى وقتٍ كانت فيه الحروب مجرد لعبة القط والفأر ، الى زمن كانت الدماء فيه هي رمز السلام ورمز التدمير

في ذلك القصير المهيب ومن بين جنبات الصمت المطبق الذي حل ضيفاً على ممراته الخالية من الحياة ، كان وقع اقدام الاطفال اللاعبين هو الشيء الوحيد الذي اعطى اشارة لوجود حياة في هذا القبر المغلق

كانوا يلعبون بنوع غريب من التقنيات التي اشتهر بها الشياطين في ذلك الوقت ، وقف ذلك الصبي ذو الشعر الارجواني وحيداً وهو ينظر الى اخوته من بعيد منهمكين فيما يفعلونه

كانت عيناه الحمراوات صافيتين لدرجة ان مياه الانهار البلورية كانت لتنحني احتراماً لصفائهما ، تنهد بقوة وهو يردد عبارة اعتاد ترديدها في نفسه : " كوننا ابناء ساتان يحتم علينا ان نكون ذوي سلطة وان نكون محترمين امام باقي الشياطين ولكن هؤلاء الاغبياء لا يدركون اهمية كوننا العائلة الملكية هنا ، مزعجون "

اغمض عينيه وراح يفكر في بعض الامور التي شغلت باله من فترة ، مثل كيف يمكن لك ان تبتكر نوعاً جديداً من الشياطين ، او كيف يمكنك ان تصبح قوياً في وقت قصير

جل ما كان يفكر فيه هو ارضاء والديه وان يصبح كما يتمنيان ان يكون – كونه الابن البكر – يحتم عليه القوة والصبر والتأني والأمانة وما الى ذلك من الامور التي لا يجب ان يفكر فيها الاطفال في سنه

سرح في بعض الامور ، لم يشعر بتلك اليد التي امتدت وربتت على كتفه الا بعد فوات الاوان ، التفت مسرعاً فزعاً ليجدها امامه بشعرها الارجواني الفاتح وعينيها الحمراوات التي ورثها كازو منها

ابتسم بنقاء اليها والقى نفسه في حضنها وهو يردد بسعادة ممثلاً الانزعاج : لا تخيفيني هكذا امي ، كدت ان اقتلك

ضحكت بخفة على عبارته وهي تضمه اليها بحنان ، ابعدته عنها بعد فترة وهي تنظر الى وجه ، ضمت وجهه بيديها وهي تقول : ان تكبر كل يوم بشكل رائع ، اتطلع لرؤيتك رجلاً يعتمد عليه

شعر بالغرور يتسلل الى قلبه ، ابتسم بشكل شيطاني وهو يردد بكبرياء معهود : انا رجل الان ويمكنك الاعتماد علي ، ام انكِ تظنيني مجرد هاوٍ لا يستطيع حماية فأر !

ضحكت مرة اخرى على حديثه هذا وربتت على رأسه وهي تقول بابتسامة ساحرة : اعلم ذلك عزيزي ، على اية حال لما لا تلعب مع اخوتك ، لا تتظاهر بالكبرياء واذهب لتلعب معهم

اشاح وجهه بغرور عنها وهو يقول بطريقة رجولية : لا اريد ذلك ! انهم اطفال وحمقى اما انا فالابن الاكبر لساتان علي ان اكون قدوة لهم لا معيناً لهم على افعالهم الحمقاء

ابتسمت بطريقة غبية وهي تفكر بما قاله ، وقفت من جديد وهي تقول في قرارة نفسها : انه كوالده تماماً من المستحيل ان يختفي كبرياء الاباطرة هذا عن محياهم

شعرت بحضور ساتان فالتفتت خلفها بسرعة لتفاجئ به واقفاً امامها مبتسماً تلك الابتسامة الساحرة ، شعرت بالدم وهو يغلي في عروقها حتى استقر على وجنتيها اللتين احمرتا خجلاً منه

انحنت بعد برهة باحترام وهي تقول : اهلا بعودتك ساتان – ساما

لم يرد ان يرد عليها حقاً الا انه رد على كلامها رغم كل شيء وقال : اجل لقد عدت

انتبه الجميع عليه فتقدم اولاده بسرعة الى حيث يقف وقاموا بعناقه بقوة كبيرة ، حيث بادلهم هو العناق وهو يشعر بسعادة غامرة لرؤيتهم بخير بعد مدة قد قضاها بعيداً عن القصر

تعجب عندما شاهد كازو واقفاً بعيداً وهو يراقبه يحتضن جميع اخوته ، ابتسم في وجهه وقال له بصوت حانِ : تعال الى هنا كازو ، لما انت واقف بعيداً ؟

اشاح كازو وجهه بحزن غريب حيث انعكس على بريق عينيه الصافيتين ، تعجب ساتان وشعر ان هناك خطباً ما بابنه ، قرر ان يتحدث اليه بعد قليل كي يعرف ما الذي يجول في باله

التفت ساتان الى زوجته الاولى والتي تكون والدة كلاً من كازو و دانتاليون وقال لها ببرود معهود : شارون ! فالتأخذي الاطفال واذهبوا الى البهو الملكي فقد حان وقت الاجتماع العائلي ، اهتمي انتِ بكل شيء ، اما انا فسوف ابقى هنا مع كازو

تعجبت شارون من حديثه هذا ، فهو لا يفوت اجتماعاً ابداً ولا يفكر بأن يولي أي شخص زمام الامور ، نظرت الى كازو فأدركت بأن هناك خطباً ما به فقررت ان تترك الامر لساتان

نادت جميع الاطفال وذهبت معهم الى البهو العظيم حيث سيتم اليوم الاجتماع العائلي وهو في الواقع اجتماع لجميع كبار عائلات عالم الشياطين ، لا يعلم احد لما سماه ساتان باجتماع العائلي ، ربما لانه يعتبر الجميع عائلته ؟ او ربما لديه سبب آخر لهذا ، لا احد يعلم

اعاد بناظريه الى كازو الواقف والذي كان يرمقه بنظرات غامضة غير مفهومة على الاطلاق ، تقدم منه ووقف قبالته وقد كان كازو صغيراً جداً مقارنة بوالده الراشد

انحنى اليه وهو يبتسم بهدوء ويقول : مالامر كازو ؟ تبدو حزيناً

تنهد كازو بعمق وردد بصوت بالكاد سمعه ساتان : اشعر بأنك لا تحبني كما يجب

ظهرت علامات استفهام ضخمة على رأس ساتان على اثر هذا الكلام الغير منطقي ، ردد ساتان بقليل من الانزعاج منه : مالذي تعنيه ؟

نظر كازو مباشرة في عيني والده وهو يقول بقليل من الانفعال : انت دائماً ما تبتسم تلك الابتسامة الدافئة في وجوه اخوتي ، اما انا فتكون ابتسامتك لي شاحبة وغير منطقية ، لذا فكرت ! ربما .. انت فقط ربما ... لا تحبني !

اتسعت حدقتا عيني ساتان عندما ادرك مقصد كازو ، شعر ببعض الغضب منه ، ولكنه بدل ان يضربه او يغضب ويصرخ في وجهه تفجر بالضحك الهستيري الذي اشعر كازو ببعض الاهانة والسخرية منه

تعجب كازو كثيراً من ردة فعل والده على حديثه الجاد ، فهو الان منفجر بالضحك لدرجة ان بطنه قد آلمه بشدة ، غضب كازو بقوة فصرخ في وجه والده : اجبني !

توقف ساتان عن الضحك ونظر الى كازو بابتسامة هادئة وقال له : اتعلم كازو ! العاشق عاداً ما يكون بارداً تجاه مشوقه ! يظهر له التجاهل ويكن له العداء علناً وعادة ما يكونان غير متفقين ولكن في قرارة نفسه هو الجوهرة الاغلى ، هو البلورة التي تعطي القلب لمعانه ، خفقان القلب ونبضه لا يكتملان الا به وفي النهاية مصير العاشق ان يعترف الى معشوقه بالحب الازلي !

اغرورقت عينا كازو بالدموع عندما سمع حديث والده وكردة فعل ارتجف جسده وهو يقول بصوت متقطع : اذا ... انت ...

اتسعت ابتسامة ساتان واصبحت ملائكية ودافئة ليردد بهدوء : اجل انا احبك ! بل انت الاغلى لدي في هذه الدنيا

سالت دموع كازو كالنهر الجاري في العواصف والقى بنفسه في حضن والده واخرج كل ما كان يجول بخاطره في صدر والده الدافئ

ابتعد بعد مدة واعطى ساتان ظهره وهو يمسح دموعه محاولاً ان لا يبدو طفلاً بكاءً وردد بعدها برجولية مصطنعة : انا لم ابكي ابداً ! لقد كنت تتوهم ! انا رجل ! انا ابن ساتان الاكبر لستُ ابكي

ثم ترك والده وهو يركض في الرده الخاصة بالقصر والتي زينت بمختلف القطع الفنية والاثرية ، وقف ساتان وتنهد وعلى وجهه ابتسامة لا مبالية ، حك رأسه وهو يقول : لقد ورث مزاجيتي ، هذا امر ليس محموداً

التفت الى الخلف وبدأ يسير بين الرده المزينة بالذهب وما اختلف من النوادر ، كثير من الامور كانت تشغل باله في تلك اللحظات وكثير منها كان خطيراً ومستعجل التنفيذ

في تلك الاثناء انتهى الاجتماع وانصرف الجميع الى منازلهم او لأشغالهم ، خرجت شارون من البهو العظيم وهي تتنهد بقوة ، فقد تصدع رأسها من كلام كبار الشياطين الذي اختفى المعنى منه حرفياً

شعرت بيدين تحيطان بها من الخلف فشعرت بالفزع وهي تسمع ذلك الهمس المرعب : شارون – شان !

حررت نفسها ونظرت الى الخلف وهي تقول بانفعال : آياكا – ساما هذا ليس عدلاً ، لا تخيفيني هكذا

ضحكت آياكا بقوة كبيرة على كلام شارون ، توقفت بعد برهة وقالت بهدوء : لا عليكِ يا فتاة ، اهدئي قليلاً ، على اية حال اين ذهب كازو – شان ؟

وضعت شارون اصبعها امام فمها وهي تطلب من آياكا ان تصمت : ارجوكِ آياكا – ساما سوف يقتلك كازو ان سمعك تناديه بـ شان في نهاية اسمه

قهقهت آياكا بشيطانية وهي تقول بانفعال واحمرار في وجنتيها: ولكنه جميل ولطيف ، آآآه كم هو رآئع ومثير ، ارغب بأن اجعله يرتدي بعض الفساتين واسرح شعره بطريقة انثوية ، كييـآآآآه سيكون رائعاً وسوف التقط له بعض الصور كذلك !

عجزت شارون عن الكلام في تلك اللحظة وخانتها جميع الكلمات ، التفتت آيـآكا بوجه غاضب ومتفجر وهي تنظر الى شارون بغضب وتقول بحقد : هذا خطأكِ انت ! لانك لم تنجبي فتاةً ! كان يجب ان يكون اول مولود فتاة ! ولكنك خالفتي اوامري المطلقة ، سوف اقتلك

جائتها ضربة قوية على رأسها جعلت ورماً صغيراً يظهر ، التفتت بغضب والدموع قد تجمعت في عينيها وهي تصرخ : كيف تجرؤ ؟!

تلك الهالة السوداء الغاضبة والتي ارست الرعب في قلبها قد منعتها من اكمال الكلام حيث كان الكلام الموجه اليها بارداً ومرعباً ومليئاً بالغضب : آيـآكا ! من قال بأن اوامرك مطلقة ؟! هل تريدين ان اقتلك الان ؟!

ادركت آيـآكا ان الواقف امامها هو ساتان ، صرخت بأعجاب ووجنتاها قد احمرتا لتعانق ساتان بقوة وتقول له : ساتي ! اهلا بعودتك ، مرت فترة طويلة يا رجل ! كيف هي الاحوال ؟ ومالذي حدث في اثناء المهمة ؟ هيا هيا اخبرني

رمقها بنظرة مرعبة فصمتت متحجرة في مكانها ، نظر الى شارون وقال لها ببرود : شارون فلتنصرفي للراحة ، تبدين متعبة

انحنت شارون باحترام وهي تقول بهدوء : كما تأمر ساتان – ساما

انصرفت شارون متجهة الى غرفتها ، التفت ساتان الى آيـآكا الواقفة بابتسامة خبيثة وعينان تلمعان بشيطانية

شعر بالانزعاج فقال لها بغضب : لما تنظرين الي هكذا ؟!

اتسعت ابتسامتها وسارت نحوه بخطوات ثابتة وهي تقول بهدوء الشياطين وخبثهم : سوف اسرح شعرك واجعلك جميلاً

اتسعت حدقتا ساتان بغضب وهو يردد بصوت جوهري جعلها تتحجر من الخوف : حاولي وسوف اقطع اوصالك الى ملايين القطع والقي كل قطعة في مكان مختلف من هذا العالم !

اخذت دموعها تنهمر من الحزن وهي تقول : ساتي ! انت شرير ، اريد فقط ان اجعلك تبدو لطيفاً ، يالك من سيء ، شرير ، عنيف ، متوحش

تنهد بانزعاج وردد بهدوء : مالذي تريدينه آيـآكا ؟!

ظهرت ملامح الاطفال على وجهها وهي تقول بتهكم شديد : سوف تصاب بالحمى من هذا الجليد الذي يغطي قلبك !

اعطاها نظرة حادة توقفت عن افعالها الحمقاء على اثرها

تحولت ملامحها الظريفة الى ملامح حادة وجادة ، حيث كانت خصلات شعرها الشقراء تعطيها رونقاً من العتق والرهبة ، اشاحت بوجهها قليلاً وهي تقول بهدوء : لقد اقترب الوقت

ضاقت عينا ساتان وهو يقول : هل تعنين ...

قاطعته مكملة : البحيرة ستظهر مجدداً في منتصف هذا الشهر

تنهد ساتان بحدة وهو يردد : سأترك امرها لكِ ، لستُ في وضع يخولني من استعمال قوتي على اشياء تافهة كتلك البحيرة

ابتسمت وهي تقول بهدوء : اعلم ذلك ، لست خرقاء

اغمض عينيه وسار مبتعداً وهو يقول : هذا جيد

تركها خلفه واتجه الى حجرته الخاصة ، بنسبة له هذا هو وقت الاختلاء والرسم ، عليه ان يخرج كل ما يجوب خاطره من مشاعر في لوحاته الجميلة والتي تحمل معانٍ لا يمكن لاحد ان يتجاوزها على الاطلاق

اما آيـآكا فقد سارت برهبتها المعتادة في جنبات القصر الواسعة حتى توقفت عند رؤية كازو المنهمك في قراءة كتاب ما ، ابتسمت بشر وخبث شديد وهي تتجه اليه

حولت ملامحها الى البلاهة وهي تلوح له قائلة : كازو – شان ! كيف حالكِ يا صغيرتي ؟

بدون أي سابق انذار نظر اليها بحقد شديد ، ملامح وجهه كانت مرعبة جداً لدرجة انها توقفت لتتأكد من هويته ، اهو كازو ام لا !

اغلق الكتاب ووقف على قدميه سائراُ الى حيث تقف هي ، وقف مقابلاً لها وهو يقول بحقد : انا لستُ فتاةً !

قهقهت بهدوء لتردد بعدها بغرور : بل انتِ صغيرتي اللطيفة

ابتسم هو بنظرات حاقدة وهو يقول بخبث : سوف اشكي امرك لوالدي ، او سأنهيكِ هنا الان !

اشاحت بوجهها بغرور لتردد : ساتي لن يؤذيني ، محاولاتك سوف تبوء بالفشل

زفر بحدة وهو يقول بانزعاج : عجوز شمطاء

تحولت ملامح آيـآكا من الظرافة الى ملامح مختلفة تماماً ، ملامح مرعبة لن تشاهدها حتى في اسوء كوابيسك ، احاطت بها هالة حمراء مرعبة وهي تردد بهدوء وبرودة شديدين : هل قلت لي عجوز شمطاء للتو ؟

شعر كازو بنوع من الخوف منها ، حاول الابتعاد الا انها امسكته من اذنه ورفعته في الهواء وهي تقول له بابتسامة خبيثة : دعني احولك الى عذراء جميلة

صرخ كازو في البداية الا انه ادرك ضرورة الكفاح من اجل النجاة ! حرك يديه بسرعة كبيرة ونفذ نوعاً من التقنيات الجديدة التي صنعها ، اختفى من امامها فجأة ليظهر قفص ضخم احاط بها وقيدها ، اخذت آيـآكا تصرخ بقوة وحقد : حررني كازو ! الان ، كــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــآزو !

سرت في اذنها قهقهات كازو الجنونية الساخرة منها ، توعدته في نفسها ، الا انها تفجرت بالضحك على الوضع الذي هي فيه ، القت نفسها على الارض وهي تنظر الى السقف وتقول : دائماً اشعر بأن هناك شيئاً ناقص ، ما هو يا ترى ؟!

اما بالنسبة لشارون فقد كانت في غرفتها تسرح شعرها وسط السكون ، تنظر الى نفسها في المرآة وتتذكر ذلك اليوم عندما اتى والدها وقال لها بأنها ستكون زوجة ساتان نفسه ! زوجة لملك وموجد الشياطين ، لا تستطيع ان تتذكر مقدار التوتر الذي سرى في نفسها في تلك اللحظات ولا يمكنها ان تدرك كم كانت بلهاء لخوفها الشديد منه

هي وحيدة والديها من الفتيات ، لديها اربعة اخوة وكلهم يعملون كقادة للجيوش عند ساتان ، رقيقة جداً ولا تجيد الخداع او المرواغة ، كل ما يهمها هو سلامة الغير وان كانت على حسابها هي ، تحترم ساتان جداً ولكنها فقط لم تستطع ان تقع في حبه ! تخجل عند رؤيته وتشعر بالرهبة منه اما الحب فليس ما يشغل بالها تجاهه ، فهو شخص غامض لا يظهر مشاعره الحقيقية

المرآة التي تعكسه متحطمة ومشتتة الى ملايين القطع ، حيث لا يمكن لاحد ان يدرك حقيقته او يعرف ما يفكر فيه ، قد تكون هي الوحيدة التي تشعر بهذا لان باقي زوجاته يعشقنه بجنون ! في الواقع يعود هذا وقوعها في الحب مع بشري من قبل وهي لا تزال واقعة في حبه ، لا تعلم ان كان ساتان يعرف بهذا اولا ، ولكنها فقط تحب ذلك البشري ، احبته في يوم زارت فيه عالم البشر وشاهدته يقاتل الاعداء بكل ما اوتي من شجاعة ومنذ ذلك اليوم وهي تذهب الى عالم البشر لتنظر اليه او تلمح ظله على الاقل

تركت الفرشاة وتنهدت بقوة ، سيقضي ساتان اليوم كله في غرفته او في انهاء بعض الامور السياسية لذا يمكنها التضرع بذهابها الى السوق او ما الى ذلك لتذهب الى عالم البشر وتزور معشوقها الفاني

تركت كل شيء وخرجت من غرفتها سائرة في ممرات القصر ، شاهدتها آيـآكا من بعيد والتي تعرف الى أين تتجه ، تجاهلت الموضوع واعادت عملها في قراءة الكتاب الذي تحمله بين يديها

اكملت شارون مسيرها في الممرات حتى صادفت ماهوتي واخبرته بذهابها الى التسوق وانها قد تتأخر لبعض الوقت

خرجت من القصر حتى ابتعدت عنه مسافة ليست ببعيدة جداً وقامت بفتح بوابة الى عالم البشر ، في تلك اللحظة لم تدرك ان هناك عيوناً حمراء كانت تراقبها من بعيد وهي تغادر عالمهم الى عالم آخر غير مألوف بالنسبة اليهم

خرجت من البوابة ووصلت الى عالم البشر ، وقفت على تلة عالية وهي تراقب تلك القرية الصغيرة التي يعيش فيها محبوبها البشري

كانت قرية صغيرة وآمنة ، لا تعرف غمار الحروب الا نادراً ، مشهورة بالمحاصيل الزراعية ولطف اهلها البادي على وجوههم ، رغم كونهم قاسين على الاعداء او من لا ينتمي اليهم

جلست هناك بعضاً من الوقت وهي تراقب المارين في الطرقات لعلها تلمحه في مكان ما ، فحمة شعره واخضرار عينيه لن يفوتاها على الاطلاق

مر كثير من الوقت ولكنها لم تلمحه ، لذا قررت الاستسلام لهذا اليوم والعودة في وقت لاحق ، وقفت واستدارت كي تقوم بفتح البوابة واذا بجرة ماء تسقط وتنكسر امامها وهي متعجبة ، رفعت رأسها لتنظر الى من كان واقفاً ، احمر وجهها وشعرت بقلبها الذي كاد يقفز من بين ضلوعها

ابتسمت رغماً عنها وهي تقول بصوت ملاه الحب كتهويدة لطفل رضيع : شيزو !

اقتربت منه لتعانقه بقوة كبيرة وهي تقول بكل قطرة صدق في قلبها : اشتقت اليك

بادلها شيزو العناق ، ولكنها لم تكن تدرك ما كانت نواياه تجاهها في تلك اللحظات ، ابتعد عنها ليقول لها بحب مصطنع : مرت فترة طويلة شارون ، اشتقت اليكِ !

ابتسمت له وامسك بيدها ليأخذها في جولة في قريته المسالمة ، كان الجميع يحييهما عند مسيرهما بالقرب منه ، كانت تشعر بالسعادة وان البشر ليسوا سيئين كما اشتهروا في عالم الشياطين

اخذها الى كبينة مهجورة وفتح الباب لها فدلفت اليها بضع خطوات ، تعجبت من مجيئها الى هنا وقالت له : لما احضرتني الى هنا ؟

لكنها لم تحصل على أي اجابة منه ، دفعها بقوة كبيرة اسقطتها ارضاً ليغلق الباب ويقول لها من خلف الباب : احببتك في البداية ولكنني عنما اكتشتف كونك من الكائنات القذرة تلك قررت ان انهي حياتك بيدي ، انتِ لا تستحقين العيش كارون ! اتمنى لو كنتي بشراً ولكنك شيطان والشياطين يجب عليها ان تموت مهما كلف الثمن !

شعرت شارون بالفزع الشديد مما قاله لها شيزو ، اخذت تضرب الباب بقوة وهي تصرخ : حررني شيزو ! ارجوك لن اعود الى هنا مجدداً ! حررني !

لم يجبها احد ، فقط الصمت وسط تلك الكبينة المغلقة المظلمة الرطبة ، شعرت بالخوف وبدأت بالبكاء كالاطفال ، اخذت تنادي بأسماء ولديها وبأسم ساتان ، لعل احداً منهم ينجدها من هذه المحنة العصيبة ، الا انها ادركت امراً ما ! ان عرف ساتان بما كانت تفعله من وراء ظهره فسيقتلها بلا شك ! شعرت بالرعب يندس في قلبها الصغير

تمنت لو انها تجاهلت مشاعرها لهذا البشري الحقير ! تمنت لو انها لم تأتي الى هنا او تعرفه اصلاً ، ليتها فقط ارغمت نفسها على حب ساتان وانتهى الامر ! ولكن كلا هيهات من الندم الان ، لا شيء سيشفع لها ولا شيء سينقذها مما هي فيه

عليها ان تدعو فقط لعل قلب ساتان يرق ولا يقوم بقتلها بطريقة وحشية ، اخذت ترتجف بقوة وهي تبكي بحرقة وندم على افعالها الخرقاء

مرت عدة ايام وهي حبيسة تلك الزنزانة التي احاطوها بتقنية غريبة منعتها من الخروج ، واصلوا تعذيبها لايام لانهم يقرون – بضرورة – تعذيب الشياطين قبل قتلهم من اجل تفادي لعنتهم الخالدة

كانت ملقية على الارض كجثة هامدة والدماء تسيل منها ، ما ان تشفى جروحها حتى يعودوا لضربها بوحشية

بالطبع في عالم الشياطين ادرك الجميع اختفائها وبدؤوا يبحون عنها ، حتى ساتان بنفسه خرج كي يبحث عنها ويعيدها سالمة

الا ان لا اثر كان لها ولم يستطع احد ان يستشعر بقايا قواها في أي مكان ، زفر ساتان بحدة وقال بغضب : الى اين ذهب تلك الحقيرة ؟

انحنى ماهوتي باحترام وقال : قالت لي بأنها ذاهبة للسوق ولكنها خرجت ولم تعد

شعر ساتان بإهانة كبيرة وقرر ان يقتلها ما ان يجدها ، نظر الى كازو ودانتاليون اللذين لم يخفى القلق من على وجوههما فهما يعرفان بأنها ستموت ما ان يجدوها ولكن على الاقل سيتسنى لهما ان يرياها – ان كانت بخير – قبل ان يقوم بقتلها

كانت آيـآكا تقف بجوار الحائط متكأة عليه تنظر اليهم ببرود شديد ، فكرت بأخبار ساتان بكل ما تعرفه ولكنها خشيت ان يتسبب هذا في موت صديقتها العزيزة

اعادت النظر الى حيث كازو ، شعرت بالاسى عليه حيث جعلت قلبها مرتعاً لكل ما هو قبيح في التفكير ، انقضى الامر في نظرها فشارون ستموت لا محال لما لا تخبر ساتان بالامر الان اذا ؟

تقدمت نحوه وقد شاهدها قادمة الى حيث هو ، اعطاها نظرة الزجر تلك فأدركت بانه يدرك الى اين قادت شارون افعالها ! تنهدت وغيرت الطريق الى حيث تقبع غرفتها المترفة والمليئة بالغموض

تذكر كازو تلك البوابة الغريبة التي عبرت والدته من خلالها في وقت لاحق ، لم يرد اخبار والده بالامر لعل الوقت يسعفه ويرجع والدته قبل ان تحدث امور لا تحمد عقباها على الاطلاق

انسل من بين الحشود و خرج الى خارج القصر الى حيث شاهد والدته تختفي ، وقف عند نفس البقة واستشعر ما تبقى من قوتها تذكر الاختام والكلمات التي نفذتها والدته قبل ان تظهر تلك البوابة

نفذها بصبر شديد حتى نجحت وفتحت امامه بوابة غريبة تبدو كصدع حاد في الهواء ، دخل منها بسرعة وشاهد نفسه يعبر في مكان يشبه البحر الاسود الى حيث ظهرت بقعة ضوء سرعان ما اتسعت وخرج منها واقعاً على الارض

وقف بسرعة على سفح ذلك الجبل وهو ينظر الى المكان الذي حط فيه ، كان عالماً جديداً ! عالماً لم يشاهده من قبل ولم يعرف عنه شيئاً الا في الاساطير فقط

ذلك الغروب المميز الذي يختلف عن غروب عالم الشياطين ، متفرد بوحشته ودفأه الغريب ، جاعلاً الحشائش الخضراء تتراقص في بحر من النيران المستعرة وانعكاس ظل الجبل عليها كان كالوحش المطبق على الفريسة الضعيفة

هبت ريح حركت شعر كازو الذي اسرته هذه اللوحة الفنية والتي لم يصورها أي فنان من فناني عالم الشياطين من قبل

سمع صوت صهيل الخيول ففزع منها وقفز بيع الحشائش وهو ينظر اليها بتعجب ! انها اول مرة يرى فيها مثل هذه الكائنات الغريبة

تجاهل الامر واخذ يستشعر قوى والدته في الجو ، شعر ببقاياه فأسرع باقفاء اثرها في المكان حتى قادته المسيرة الى قرية صغيرة ومسالمة – ظاهرياً – اخذ ينظر الى البشر الذين يكدون في العمل ويعيشون براحة غريبة

ابتسم بسخرية وهو يقول بصوت كان اشبه للهمس : رعاة اغنام فانون

شاهد رجلاً ذا شعر اسود فحمي وقد كانت عيناه الخضراوات تشعان بطريقة مثيرة للريبة حيث شعر بجزء من طاقة والدته عالقة فيه

شعر بالغضب عندما فكر بأحتمالية كون والدته قد اتت لرؤية هذا الرجل واستطاع بطريقة ما ان يأسرها رهينة لديه

تقدم منه بسرعة وهو يصرخ : ايها الخنزير اخضر العينين !

التفت شيزو اليه وهو ينظر بحنق ، ابتسم بسخرية وهو يقول : مالامر يا صغيري ؟ هل اضعت والدتك ؟

صرخ كازو بقوة في وجهه : اين هي امي ايها الفاني الذليل ؟

ادرك شيزو حقيقة الامر حينها ، كما ادركها جميع حاضري الموقف ، لمعت اعين الجميع بالشر حيث تقدم شيزو وامسك بذراع كازو وهو يسحبه بقوة اليه

ضربه بقوة على وجهه حتى سقط على الارض ، انهال عليه باللكم والرفس حتى لم يقوى كازو على الحراك على الاطلاق

امسكه من شعره واخذ يسحبه كأنه حقيبة شعير مصنوعة من القماش على الارض ، وصل الى حيث الكبينة التي احتجر فيها شارون ، فتح الباب ورمى كازو بقوة كبيرة على الارض ثم اغلق الباب مجدداً

رفع كازو رأسه بصعوبة لينظر في المكان ، وقعت عيناه على والدته التي كانت جالسة في ركن من اركان الكبينة وهي تبكي بخفوت وترتجف بشدة

وقف بصعوبة كبيرة وهو ينادي بصوت ضعيف : امي !

رفعت شارون رأسها بسرعة وفزع لترى كازو الماثل امامها والكدمات قد غطت كافة انحاء جسده ، وقفت بسرعة واسرعت ناحيته راكضة لتعانقه بقوة كبيرة وهي تبكي بحرق : صغيري ! كازو حبيبي ! آآآه كم اردت ان ارى وجهك قبل ان ينتهي الامر ، لكن ! مالذي تفعله هنا ؟! مالذي اتى بك ؟ ما كان عليك المجيء وحدك الى هذا العالم البشع

لمعت عينا كازو بغضب وهو يقول : لماذا امي ؟ لقد خنتِ والدي ! وهو لن يرحمك ! سوف يقتلك وانا .... انا لا اريدك ان تموتي ! امي ارجوكِ برري فعلتك بأي شيء ! حاولي ان تقولي بأنكِ اتيتي الى هنا من اجل امر ما ولكنهم امسكوا بك ! ارجوكي لا تموتي !

صدمت شارون من كلام ابنها البكر ، زادت دموعها حرقة عن سابقتها وهي تتمنى لو ان الزمن يعود ! لو ان كل شيء يمحى كما بدأ ، لما احبت هذا البشري ولما وضعت في هذا الموقف العصيب

انها الان تذوق مرارة فوق مرارة العليق المر ، وكأنها قررت ابتلاع الشمس فما كان منها الا ان تصبح السماء !

زادت من قوة عناقها لكازو ودموعها تكاد تصبح دماً من الندم الذي تغرق فيه

حل الليل وظهر البدر الكامل في المساء واستعد الجميع لعمل الاضحية لهذا اليوم ! فتح الباب ودخل البشر ليجروا كلا من شارون و كازو من شعرهما ويلقونهما وسط ساحة خالية الا من تلك النيران المستعرة !

صرخت شارون بحدة : ارجوكم ! اقتلوني انا ولكن اتركوا ابني في حال سبيله ! لا ذنب له فيما يحدث

تعالت ضحكات الجميع واستولت السخرية على احاديثهم ، نظروا اليهما باحتقار شديد ليرد شيزو عليها بصوت اجش مليء بالكراهية : ذنبه انه شيطان مثلك ايتها الحقيرة ! لا تحاولي سوف يموت اليوم معك

وقف كازو امام امه وهو يحاول حمايتها ، الا ان قوته لم تعمل ، بسبب تغير العوالم المفاجئ لم يستطع جسده ان يخرج أي جزء من قواه

تقدم بعض البشر وانهالوا عليهما بالضرب المبرح حتى سالت دمائهما وكونت نهراً صغيراً من الحمرة القرمزية النادرة

رفع كازو رأسه ليصرخ بكل ما اوتي من قوة ونفس متقطع : سوف ترون ! سوف اقتلكم جميعاً ! سأبيدكم ايتها الوحوش اللعينة

ضربه احد الواقفين بقوة على رأسه واخذ يدوسه بقدمه وهو يقول باحتقار : وكأنك تقدر ... قذر

رفع رأسه قليلاً مجدداً وهو ينظر الى والدته التي تقاسي الامرين الان ، لطالما امتلكت جسداً ضعيفاً ولا يتحمل الضرب الشديد

اخذت دموعه الحارقة بالهطول على وجهه وهو يقول بترجي : ارجوكم اتروكها ! لا تقتلوا امي ارجوكم ! انـا .. انـا احبها كثيراً .... اتركوها

شاهد كازو شيزو يحمل والدته من شعرها في الهواء وقد قرب تلك السكينة الحمراء من رقبتها ، فزع واتسعت حدقتا عينيه ليصرخ بقوة صمت اذانهم : لا تجرؤوا على لمسهـــــــــــــــــــــــــــــا !

اشتعلت النيران فجأة في كل مكان وظهر جنود سود الملابس ، ضخام الهيئة وعلى ما يبدو .. بلا رحمة

اخذوا يهاجمون الناس ويقتلونهم بوحشية شديدة وسط تعجب كازو واندهاشه الشديد ، نظر الى امه التي كانت على الارض وتتنفس بصعوبة كبيرة ، ركض ناحيتها وهو يصرخ منادياً عليها

جلس بجانبها وهو يبتسم بسعادة لانها بخير ، الا ان هذا لم يدم على الاطلاق فقد شعر بطاقة مهيبة ، طاقة كادت ان تنزع جلده عن لحمه من رعبها

رفع رأسه الى السماء وهو يشاهد والده يحط على الارض منها وقد كانت مرعباً لدرجة ان اقوى الوحوش لن تستطيع ان تجابهه

وقف على الارض وهو ينظر الى شارون بحقد ، فقد اخبرته آيـآكا بكل شيء قبل مجيئه الى هنا وبالطبع كأي ملك شعر بالاهانة والمذلة وقرر ان يمحو سبب الخطيئة

اخذ كازو يرتجف بشدة وهو يحاول التحدث الا ان لسانه قد خانه في تلك اللحظات ، النيران التي اشتعلت في القرية كانت كفيلة بجعل ساتان مرعباً لحد الموت ، فما باله وهو الان يقف امامه بعيونه الحمراوات والشرار يتطاير منها

نظر ساتان الى كازو وقال له بصيغة امر مرعبة : ابتعد كازو

لم يستطع كازو الا ان ينصاع لامر والده فابتعد عن والدته التي كانت على وشك ان تموت من الرعب الذي احدق بها

انحنى ساتان الى مستوى شارون وصفعها بقوة على وجهها حتى تورم واغرورقت عيناها بالدموع ، قال لها بصوت جهوري مرعب : انت خطيئة يجب ازالتها

امسكها من رقبتها بقوة ورفعها الى فوق مستواه ليرميها بقوة على الارض ، تحرك كازو بسرعة محاولاً ان يوقف والده الا ان ساتان ارسل موجة طاقة الى كازو جعلته عاجزاً عن الحركة

قال ساتان بهدوء وغضب : عليك ان ترى نتيجة الخيانة كازو ! لا تكرهني لهذا

اعاد ساتان امساك شارون من رقبتها ورفعها عالياً واخذ يزيد من قوة ضغطه على رقبتها وهي تناضل كي تحصل على لفحة هواء حتى لا تختنق

ولكنها ... ادركت ان نهايتها قد اوشكت وانها كانت حمقاء لدرجة التفاهة

نظرت لكازو الملقى على الارض والذي كان ينظر اليها برعب : كسعة السماء الرزقاء اردت ان احميك من كل ما اقترفته يداي !

بعد هذه الكلمات ...

انتزع ساتان قلب شارون امام ناظري كازو ... اخذ جسدها يتداعى في الهواء حتى دوى صوت سقوطه على الارض الصلبة

لاح دمها يفيض من جسدها حتى كون سجادة حمراء تحتها مما جعلها لوحة مرعبة تستحق ان تحفظ في التاريخ

التفت ساتان الى كازو وهو يحمل قلب شارون في يده ، القاه على الارض وداسه بقوة حتى عصره واصبح مجرد دم متناثر على وجه كازو

تقدم ساتان وانحنى من كازو وهو يعينه على الوقوف وقال : البشر ... لا تثق بهم ابداً قبل ان تتأكد من سلامة الثقة بهم ! فهم كائنات مدمرة وليس بانية ، بذرة الخيانة داخلهم تحتاج فقط الى مؤثر واحد كي تنمو وتتحول الى قلب اسود مليء بالكراهية والمشاعر السلبية ،يحبون ان يروا الاخرين متألمين ومجروحين ، يعشقون سفك الدماء وانتهاك حرمة الابرياء ، مجرد كتلة من الذنوب تجوب الارض بحرية ، اياك وثم اياك ان تثق بأحدهم دون ان تعرف بأنه يستحق الثقة ، انا لا اقول لك بأنهم جميعاً نفس الاسوة ! كلا هناك الجديرون بالثقة بينهم ويستحقونها ، ولكن هناك الكثير منهم من يرتدي قناع الخلوق الصديق وراء حقيقة الخيانة والاذى ! تذكر هذا جيداً فمياه النهر لا تجري عكس التيار دون سبب وجيه !

كلام ساتان كان كالسكين التي قطعت الحرير ، ادرك كازو حينها قسوة هذا العالم ، ادرك ان الالم يأتي بجرعات مختلفة واشكال مختلفة ، ادرك ان ليس كل صديق هو صديق وليس كل عدو هو عدو ! ، تعلم ان الخرقة المكسورة لن تستوعب الماء وان مياه البحر الصماء لن تستطيع تلبية النداء ، في تلك اللحظة استيقظت تلك القوى التي كانت نائمة داخله وبان ذلك بتحول عينيه الى البنفسجي اللامع

ابتسم ساتان بهدوء وقال لكازو : افعل ما يحلو لك بجثتها لم اعد اهتم بها

ثم استدار ساتان وارسل اشارة الى جنوده كي يتبعوه عائدين الى عالم الشياطين ، وقف كازو بحزم واتجه ناحية جثة امه

انحنى اليها وهو يلمس وجنتيها برقة ، كانت باردة جداً ، خالية من الحياة ، مجرد جسد مجوف بلا روح ، مجرد كتلة جليد صماء اقتطعت من الجبل الواقع وسط المحيط وها هي تذوب وسط اليابس وحيدة غريبة وغير مدركة لما يحدث حولها

اخذت دموعه تنهمر مجدداً بصمت على وجنتيه الدافئتين ، ذهب الى اطلال القريبة وبحث عن معول كي يحفر به الارض

عاد الى مكان جثة والدته بعد ان وجده واخذ يحفر الارض حتى انتهى من القبر الذي ستوضع فيه امه ، امسك بجثتها الباردة وضعها في تلك الحفرة السحيقة التي من المفترض ان تكون ملاذ كل حي في الحياة

اخذ يلقي بالرمل على جثة والدته وهو لا يزال يبكي بحرقة ويرى الى كيف تختفي ملامحها خلف التراب القذر

انهى دفنها ، جلب حجراً كبيراً نقش عليه عبارة معينة ووضعها على قبرها كي تكون شاهد القبر الخاص بها ، قام بعمل تقنية ما حتى تنمو غابة كثيفة هنا ويختفي القبر فيها كي لا يقوم احد ما بنبشه او التعدي على حرمته

شد على قبضته بقوة وهو ينظر الى قبر والدته حتى ادمت تماماً ، استجمع كل قطرة هواء في رئتيه ليصرخ بقوة كادت ان توقظ الموتى : سوف ابيدكم جميعاً ! ايها البشر اللعينون ! سوف اجعلكم تذوقون مرارة الفراق ! سأجعل الموت هو حلم خلاصكم ! سأجعلكم اقل منزلة من القاذورات اللعينة











خارج الفلاش باك

تذكر كل شيء في لحظات وانقشع الضباب عن عينيه عندما ادرك ضرورة النسيان ، اعاد وعيه الى الاحداث الجارية امامه واذا بوالده الواقف بهيبته المعتادة والرعب الذي يبثه في انفس الحاضرين

واقفاً امام جسد آيـآمي الذي يتحكم به دارك اللعين ، والذي ادماه بضربة واحدة من يده ، لم يعرف سبب سرعة تنفسه هذه ولم يعرف لما يشعر بالقلق من ان ينتهي مصير آيـآمي مثل والدته

الا انه قرر بأن يثق بوالده الذي لطالما احاطه بالامان واعطاه دفعة مصيرية كي يغير حياته الى الافضل

ساتان ينظر الى دارك المتلبس بجسد آيـآمي بحقد ، ردد بهدوء غاضب : يالك من ذنب لعين يثقل الكاهلين !

تراجع دارك بسرعة كبيرة الى الخلف وهو يلعن اللحظة التي اتى فيها ساتان الى ارض الميدان ، وقف وهو يفكر بكيفية قتاله لمن لا يمكن هزيمته ! امر مضحك هو هذا الموقف الذي وضع فيه الان

لم يشعر الا بتلك الضربة التي كادت ان تهشم رأسه والتي دفعته بقوة الى احدى الاشجار وقد تدمرت من قوة ارتطامه بها

وقف بسرعة وهو يشعر بدوار فظيع ، ظهر ساتان امامه ليمسك برأسه بقوة كبيرة ويرفعه عالياً في الجو ويرميه على الارض بقوة

حرك ساتان يديه الاثنتين لتسري سيالات كهربائية في جسد آيـآمي والتي آلمت دارك لدرجة لن يتخيلها احد

صرخ دارك بقوة كبيرة : توقف ! انت تؤذي جسدها ! توقف

احتقر ساتان هذا الصوت في قرارة نفسه واجابه باقتضاب : لا يهم ! انت من يتأذى الان وليست هي ، انا اعرف ابنتي جيداً سوف تشفى بسرعة

تعجب ساسكي من كلام هذا الرجل ! هل قال ابنتي للتو ؟ هل هذا يعني كونه والدها حقاً ؟ ، تعجب من كون هذا الشاب والد آيـآمي وشكك في الامر كثيراً

وقف بصعوبة كبيرة وهو يتراجع الى الخلف حيث انضم الى فريق – تاكا – واخذت كارين تعالج جروحه !

اما ساتان فقد انهال على دارك بالضرب المبرح حتى سقط ارضاً ولم يتمكن من النهوض ، قال له بازدراء شديد : لم استعمل أي قوة خاصة للان ! فقط قوة جسدية وان غير قاد حتى على الحراك ! يالك من ضعيف

وقف دارك بسرعة وهو يتراجع الى الخلف وينفذ تقنية ما ، ظهرت لمعة غريبة في الجو سرعان ما تحولت الى رياح عاتية وهوجاء مشبعة بطاقة غريبة

ابتسم دارك وهو يفرقع بأصبعه ، ظهرت شرارات في الجو سرعان ما تحولت الى انفجار هائل غطى المنطقة بأسرها !

تلاشى ضوء الانفجار بهدوء ليظهر دارك حاملاُ على وجهه علامات الانتصار ! انقشع الغبار الذي سببه الانفجار ليظهر ساتان واقفاً ولم يصب بأي اذى

تثاءب قليلاً وهو يحرك يديه للاحماء وقد اعتلت تلك الابتسامة الخبيثة وجهه وجعلت من دارك فأراً يرى الموت في زحف القط الشرس

حرك دارك احد اصابعه في السماء لتتلبد بالغيوم السوداء ، اخذت الغيوم تدور في دائرة وكأنها تغوص في السماء

حرك ساتان يده مجدداً باتجاه دارك ليأتي ذلك الرعد من السماء ويضرب جسده بقوة كبيرة اسقطته ارضاً

تقدم ساتان بسرعة من دارك وامسكه من شعره وهو يقول بهدوء : خياران لا ثالث لهما ، اما ان تعود الى سباتك العميق ، اما ان تموت الان وهنا

امسك دارك بيد ساتان بقوة وهو يقول : اللعنة عليك

قام ساتان بركل دارك بقوة على معدته وانهال عليه بالركل في جميع انحاء جسده ، كان قلبه يتقطع لانه يؤذي ابنته ولكن هذا هو الحل الوحيد لخلاصها من هذه اللعنة الخبيثة

دفع دارك ساتان بقوة وتراجع قليلاً ، قام ساتان بصنع دائرة بيدة في الهواء لتتحطم يد دارك اليمنى فجأة ويتلوى من الالم

اعاد ساتان فرقعة يديه ليظهر قوس وسهم ضوئيين ويقوم بتسديدهما باتجاه دارك ، اطلق السهم ليصيب صدره في الجهة اليمنى

اخذت الدنيا تدور من حوله وهو يشعر بنوع من السموم القوية تسري الان في جسده وكأنما نار في اشعلت فيه ، احمر جلده بقوة واخذت فقاعات غريبة تظهر فيه ليبدأ بالنزيف بقوة

اختفى الالم والاحمرار بعد برهة ليتقدم ساتان من دارك بخطوات هادئة ، زاد احمرار عينيه بقوة وهو ينظر الى دارك الذي لا يزال يقاوم رغم ما اتته من آلام ، شعر بنوع من الحقد ينمو داخله كالجنين الحي

احاطت جسده هالة حمراء وتطاير شعره الذهبي في الهواء ، بدأت الارض بالاهتزاز بقوة كبيرة ، حتى تصدعت واخذت حمم غريبة تخرج من التصدعات التي ملأت الارض

تلبدت السماء بالغيوم مجدداً ولكن هذه المرة حمراء ! اجل تلبدت السماء بغيوم حمراء ذات رعد اسود ، شابه صوته صوت شخص يحتضر وسط السكون والرعب

فرد ساتان يديه في الهواء وارتفع عن مستوى الارض وهو يتوعد دارك بشتى انواع العذاب ، طفى دارك برفقة ساتان لسبب لا يعرفه وانتهى به المطاف في السماء

ظهرت سلاسل سوداء احاطت بجسده وثبتته في السماء المضطربة ، اخذت تصدعات غريبة تظهر في السماء واذا بدارك يستشعر رعب ساتان الحقيقي

اخرج ساتان سيفه الاسود واشهره في وجه دارك المرعوب ، قام بطعنه بقوة في معدته ليشقها بقوة ، اقترب ساتان من دارك وادخل يده في ذلك الجرح الغريب

عرف دارك نية ساتان وهي ان يقوم بفصله عن آيـآمي كي يتمكن من قتله بهدوء ، اخرج ساتان يده من الجرح بقوة ، فقد دارك وعيه وقام ساتان بأنزاله على الارض

سلم آيـآمي لكازو وطلب منه معالجتها ، نظر الى يده ليجد شيئاً يشبه البذرة السوداء والتي اخذت تنمو مجدداً

القاها على الارض ليظهر ضوء ابيض سرعان ما تلاشى وظهر دارك بهيئته الحقيقية خلفه ، كان شاباً ذا شعر اسود وعينان ذهبيتان ، متوسط الطول ، وسيم الملامح الا انه خبيث وعصبي

اسرع بسرعة كبيرة ناحية ساتان وحاول ان يهاجمه الا ان ذلك الرعد الاسود كان له بالمرصاد ، سقط على ركبتيه ليقوم ساتان بأمساك يده اليسرى بقوة وقام بلويها حتى انكسرت ، لم يكتفي بهذا بل قام بجرها بقوة حتى انتزعها من مكانها واخذ الدم يسيل بغزارة من المكان الفارغ الخاص باليد

اخذ ساتان يردد عبارات غير مفهومة على الاطلاق ، ظهر كتاب عملاق امامه واخذت صفحاته تتقلب لوحدها حتى استقرت على صفحة معينة ، اخذ ساتان يقرء ما فيها

شعور غريب اجتاح كيان دارك في تلك اللحظة ، شعور بالرعب والخوف والترقب ، وكأنما شيء ما يجاهد للظهور ! شيء مرعب خفي وشرير وملعون ، تلفت يميناً وشمالاً الا انه لم يجد أي شيء حتى يشير اليه بأصابع الاتهام !

وقف وهو يمسك مكان يده اليسرى محاولاً منع تدفق الدم ، انهى ساتان قراءة الصفحة ليبتسم بشر ويقول بهدوء : انهار الدماء التي خطتها يداي من قبل قد عادت للحياة من جديد ، قد يتمكن الشيطان من العيش دون قلب ولكنه لن يعيش دون روح ، السحر الاسود الذي ابتركته منذ فجر التاريخ والعلامات السوداء التي طغت على الطريق ، كلها حولت العالم الى كتلة رمادية من الضياع ! كلها ارست كينونة الخشية والرهبة في قلوب الاساطير ، تلك الاساطير التي لم تنتهي ابداً ، تلك الاساطير التي صدقها البشر حتى الفناء ، لا تزال حية في قلوبهم ، تطاردهم ، تصطادهم كحيوانات ضعيفة تنهش القلوب المرعوبة ، كتل الخطايا والذنوب ولوعة الفقد والجنون ! كلها مجرد كلمات يخطها قلم شاعر او كاتب ، ولكن ما ان تصبح حقيقة حتى تكون كالكابوس وهذا هو الجزء الاليم ! كسرت حدود الجنون وانتقيت من فيضه افضل انواع السطور ، من اجل هذا اليوم ، من اجل اللحظة التي تكسر فيها جرة الخطايا والذنوب من اجل اليوم الذي يعود فيه التيار الى مجراه السليم ، سوف اقضي عليك وأرسلك الى اللا مكان مرة اخرة ولن يردعني شيء عن اعادة هذا العالم الى نصابه القديم


خرج خنجر غريب من العدم واستقر في يد ساتان الذي امسكه بقوة ، اتجه نحو دارك المرعوب بخطوات واثقة مليئة بالنية النقية للقتل

امسكه من رقبته ورفعه عالياً في السماء ليقوم بطعنه بقوة مستعملاً ذلك الخنجر الذي اخترق رأس دارك

القاه على الارض وهو ينزف من معظم جسده ، كانت بعض قطرات الحياة لا تزال في جسد دارك الذي اخذ ينظر الى آيـآمي وهي يتم علاجها من قبل كازو ، مد يده اليها وهو يردد بدموع الخيبة والخسران : كل ما اردته هو .... ان احقق امانيك

فاضت روح دارك واختفى جسده كذرات لامعة في الهواء ليعود الى كونه مجرد ظلام في دائرة الظلمة المغلقة واللا متناهية

نظر ساتان الى حيث هي آيـآمي ، ابتسم بحنان واتجه ناحيتها لينحني ويقبلها بين عينيها ، نظر الى كازو وقال له : سأعود الان الى القصر ، سأنتظر وصولكم ولكن قبل هذا لدي عمل لاثنين من اغبى ابنائي

التفت ساتان الى حيث هما دانتاليون وجيراهيم ، شعرا بالفزع منه وهو يحرك يده لتقوم تلك الغيوم الحمراء بأرسال رعدها الاسود ليضرب كلاً من دان وجيرا ويجعلهما طريحي الارض

استدار ساتان واختفى فجأة من بين انظار الحاضرين ، التفت ساسكي الى كازو وقال له بهدوء : هل ذلك هو والد آيـآمي حقاً ؟

ابتسم كازو ليقول بثقة : اجل ، انه رائع اليس كذلك ؟!

ابتسم ساسكي علامة على رضاه ثم ادرف بهدوء : اذا ما علاقتكم بها ؟!

تعجب كازو ثم اردف بغرور : نحن الثلاثة نكون اخوتها

تحجر ساسكي في مكانه للحظات وهو يحاول استيعاب ما قاله له كازو الان ! ربط جميع افكاره مع بعضها وبات الامر منطقياً جداً في نظره

بعد برهة ، بدأ الدفأ يعود الى آيـآمي وقد بان عليها الارتياح ، تحركت اطراف اصابعها قليلاً وبدأت تفتح عينيها بهدوء

تجمع الكل حولها وهم يبتسمون ، اخذت تنظر الى وجوههم وهي تحاول تذكر من يكونون ، نطقت بجملة كانت كالصاعقة على قلوبهم : من تكونون ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق