كم هو وحيد هذا الشتاء
بارد الثنايا ومظلم المنايا
لا ينفك يعتم بقلوب المستضعفين
ويلهم آخرين بلوعة المشتاقين
لم اعد استطيع ان اسمع خرير مياهه
ولم اعد اتغنى بهدير اشجاره
كلها لوحة واحدة مبيضة
مطلية بسجادة موحدة من الخشية والإبادة
خواء كهوفه لم يعد مسموعاً
انى لريشة فنان ان تجيد محاكاته ؟
وهو في امس الحاجة الى قطرة حياة
وانى لريح الشعراء ان تحييه ؟
وهو في الممات قبل ان يمسي
طويل هو هذا الشتاء وطويل هو برده القارس
كم احب لوعة الوحدة التي يتسم بها بين تشققاته
وكم ارغب بدفن حياتي داخل احد كهوفه
فلعني افقد هذا الوعي اللعين
واسقط في مكان ليس فيه سعير
واعيد الى قلبي لوعة الحنين
كي ازين كهوفي بزهور الاوركيد
واخبرها ان السماء عني تريد
اعادة الحب الى قلبي الدفين !
تذكير
بعد برهة ، بدأ الدفأ يعود الى آيـآمي وقد بان عليها الارتياح ، تحركت اطراف اصابعها قليلاً وبدأت تفتح عينيها بهدوء
تجمع الكل حولها وهم يبتسمون ، اخذت تنظر الى وجوههم وهي تحاول تذكر من يكونون ، نطقت بجملة كانت كالصاعقة على قلوبهم : من تكونون ؟!
الوقت الحالي
توقف الجميع مذهولين امام الفتاة التي فتحت عينها منذ لحيظات ، يرمشون بسرعة بلا استيعاب ، يحاولون جمع شتات الافكار التي تداخلت وتزاحمت وسط عقولهم المليئة بالاضطراب والقلق والحنين
انها تنظر اليهم بغموض ، بلا ادراك ، وكأنها تنظر الى الفراغ !
تلك اللمعة في عينيها التي تثبت انها على قيد الحياة لم تعد موجودة ، تلك الشعلة من المشاعر – حتى ان كانت سلبية – لم تعد تبرق على الاطلاق
حركت رأسها يميناً وشمالاً وهي تنظر الى الموجودين ، اغمضت عيونها وهي تتنهد بصعوبة بالغة ، اعادت فتح عينيها بعد برهة لتقول ببرود ممزوج بلوعة و مرارة : مرة اخرى !
تعجب الجميع وصمتوا ، فأي كلمات يمكنها ان تفسر ما يشعرون به الان ؟! وكأن اشجار صفصاف العالم قد انحسرت في بقعة من الظلام الرطب وجعلتهم يموتون بفعل سمومها المنتشرة في الاجواء
ردد كازو خلفها ببطء وغير استيعاب لما يجري : مرة اخرى ؟!
وقفت على اقدامها وهي تحك رأسها بثبات ، حيث وقف الجميع خلفها ينظرون بتأهب لكلماتها الاتية ، اغمضت عينيها لتقول بنفس النبرة : مرة اخرى انا اسير بين طرقات هذا العالم الموحش
ضاقت اعين الجميع باستفهام ، نظروا الى بعضهم بهدوء وهم يرجون الحصول على اجابة من الواقف بجانب كل منهم ، الا ان لا اجابة ستسعفهم في هذا الوقت
رفعت آيـآمي رأسها الى السماء وهي ترمق تلك الغيوم الحمراء التي لم تختفي الى الان بنظرات مليئة بالغموض ، اكملت بعدها وهي تردد : لا تزال روح هذا العالم ملوثة ، هائمة ، ضعيفة ، وممزقة ، تبدو كمرآة القيت بحجر فكسّرها الى قطع متناثرة على الارض لتدمي قدم كل من يدوسها باحتقار وازدراء
شد كازو على قبضة يده بقوة ليتقدم منها ، وقف محايداً لها تماماً وهو ينظر في عينيها ، امسك بكتفيها ليهزها بقوة كبيرة وهو يتحدث بأنفعال : آيـآمي ! لا تمزحي معنا ! مالذي يحدث الان ؟! لما تقولين هذه الاشياء الغير منطقية ؟! هيا اخبريني ، لا تبقي صامتة ، سئمت من اكون قطعة الشطرنج التي لا اهمية لها في القتال ! اريد ان اكون الفارس الذي يحمي الملك الى الممات !
لم تؤثر فيها كلماته ولكن بدت – وكأنها – ادركت امراً ما ، امراً لم تعطه اهتماماً عند استيقاظها ، رددت باستفهام عجيب : آيـآمي ؟! هل هذا هو اسمي ؟!
حل الامر كالصاعقة على قلوبهم اجمعين ، بدؤوا يسمعون نبض قلوبهم يسري في كل انحاء اجسادهم ، تقدم ساسكي بغضب شديد ليجرها من ملابسها ويقربها منه ، صرخ في وجهها بغضب : لا تمزحي معي ! كيف يمكن لك ان تنسينا ؟! بعد كل ما حدث ؟! هل تحاولين خلق مزحة ما ؟ ان كنتي حقاً تفعلين هذا فسوف ابرحك ضرباً !
امسك بيده التي تقيدها لتتسع حدقتا عينيها قليلاً ، اخذت تمسح عليها بخفة وهي تستشعر امراً ما ، لتقول بهدوء : نبض دافئ ! انت لديك نبض على عكسي ، انت لك قلب وانا قلبي غير مسموح بأن يبقى معي !
تركها وابتعد قليلاً وهو ينظر الى المكان الذي طعنها فيه ، تذكر قول دارك بأن لا قلب لها وانها قد انتزعته بنفسها ، شد على قبضته وهو يغطي ملامح وجهه المضطربة حتى لا تسأله عن امر يعجز عن اجابته عليها
تقدمت كارين من بعد ان كانت متوترة من الاقدام على خطوتها ، وقفت بعيداً قليلاً عن آيـآمي لتنطق بتوتر وكلام متقطع : آيـآمي ! قولي لي مالذي تريدين فعله الان ؟!
ضاقت حدقتا عينيها قليلاً عندما سمعت سؤال كارين ، اخذت ترمق الارض وهي تفكر بإجابة لهذا السؤال الصعب ، تذكرت امراً ما لتردد بعدها : اجل لدي عمل لم ينتهي بعد !
فزع كازو لانه ادرك فيما تفكر ، تقدم منها بسرعة ليمسك يدها بقلق ويردد بانفعال : توقفي ! اياكِ والاقدام على أي شيء احمق !
نظرت اليه بتعجب ، سرعان ما اغمضت عينيها وهي تبعد يد كازو بهدوء وتعيد ضمها بيدها محدثة اياه بصمت مهيب ، حيث كان صوتها اشبه بصوت شبح غاضب الا ان غضبه مقموع في مقلة عينيه اللتين لم تحدثا أي تغيير في نفسه : قل لي ايا من تكون ، هل تظن بأن حالتي ميئوس منها ؟ هل تظن بأن النهاية البشعة التي تمنيتها سوف تكون هي الجائزة نهاية هذا السباق ؟ ام ان هناك غموضاً لم يحل في هذا اللغز ؟ هل يمكن لمن عرف النسيان يوماً ان يتذكر الماضي ؟! هل يمكن لك ان تصدق بالواقع وتكذب الحقائق ؟! ام عليك ان تكذب الواقع وتصدق الحقائق ؟! هل يمكن لك ان تميز بين الخيال و الحلم ؟ بين اليقظة والنوم ؟ كيف تعرف بأنك حي ؟! وان هذا العالم ليس مجرد وهم شخص نائم في غيبوبة ابدية ؟ كيف تعرف بأننا لسنا مجرد دمى في مسرحية هزلية يحركنا ممثلوها بإتقان ، لدرجة اننا اصبحنا نعتقد بحقيقة كون اجسادنا المجوفة حية ؟!
عجز عن التعبير في تلك اللحظة ، خانته جميع الكلمات وجميع التعبيرات ، كل ما كان يعرفه هو حقيقة كون هذه الفتاة غير واعية لهذا العالم ، ربما لكون دارك قد فصل عنها وقد كان هو المرساة التي ترسي وعيها بدون وجود قلبها
لم تحصل على اجابة منه فعرفت بأنه لا يعرف الحل على اسئلتها ، ابتسمت ببهوت لتترك يده وتقترب منه ، وضعت يدها على صدره وهي تشعر بنبضات قلبه المتسارعة ، لا يعلم لما ولكن قربها منه هكذا يجعله متوتراً لدرجة ان زلزالاً قد يحدث من قوة نبضاته
قالت بهدوء شديد وهي تبتسم ابتسامة باهتة : النبض !
تعجب من كلمتها هذه ، ولكن في نفس الوقت شعر بأنه معها الان في مكان منفصل ، مكان لن يصل اليه احد غيرهما ، وكأنما العالم اجمع قد عزل عن متناول يديهما وهما الان فقط بين الحد الفاصل بين الواقع وعالم الاموات
اكملت هي بعدها بنفس الهدوء : النبض هو اجابتك على كل شيء تريده ، هو الحد الفارق بين الحياة والموت ، بين الادراك و عدمه ، بين الوجود والفناء ، كل اجابات العالم اجمع وكل الالغاز ، وكل الفرضيات المحتملة ، كل سر وكل حقيقة ، كل الكذب وكل الشرف ، في هذا الصوت الصغير الذي يكون ابعد من فهم وادراك البشر
يدها التي تضعها على صدره كانت باردة جداً ، شعر بالحزن عليها فوضع يده على يدها لعلها تشعر ببعض الدفء منها ، ابعدت يدها بعد فترة لينقطع ذلك العالم الذي انفرد فيه بها ويعود الى المرارة والشقاء الازليين
تراجعت بعض الخطوات الى الخلف وهي تنظر الى يدها لسبب جهله الجميع ، لتقول بعدها بغضب : ما زلت كياناً حياً في هذا العالم ! علي ان انضم الى عالم الاموات وانتهك حرمة القبور كي احصل على الفناء المؤبد
انبلجت عيون ساسكي على مصراعيها بعد هذه العبارة ، تقدم بسرعة كبيرة ولكمها بقوة على وجهها لتتراجع بضع خطوات الى الخلف ويسيل خط الدم القرمزي من فهما بشكل متقطع
اخذت تلمس خط الدم على فمها وهي تنظر الى حمرة الدم الغريبة ، لعقت الدم من على اصابعها وهي تنظر الى ساسكي بنظرات مفهومها ان لا الم قد حصلت عليه من لكمته الضعيفة تلك
صرخ بوجهها قائلاً : لما تصرين على الموت ؟! الم يكفك وجود عائلتك ؟ الم يكفك وجود اصدقاء لك واناس يهتمون لامرك ؟! ام ان كل شيء محي بسبب ذهاب دارك المزعوم ذاك ؟!
امالت رأسها قليلاً وهي تفكر بجملته الطويلة ، تنهدت لتقول بعدها بكل قطرة برود في دمها : رغم كوني وسط الناس الا اني لازلت وحيدة ! لا زالت دائرة وهم ماضيَّ المفزع تعيد رسم كوابيسي كل ليلة وكل لحظة كلوحة سوداء معتمة من الالم الازلي ، كملاك ذي جناح اسود وعيون غائرة قد اطبق على وعيي بلعنة مشئومة من الضياع ، كل قطرة ماء كنت اشربها هي السم القاتل والحد بين بقائي حية اومماتي ، كل يوم اسعل الدم بقوة في مغسلة حمامي ، كل هذا اجابهه وحدي ، الالم لا يمكن مشاركته مع الاخرين ، لا احد بإمكانه ان يشعر بنفس الالم الذي اشعر به وهذا حتمي
دائماً ما تجعله عاجزاً عن الرد وتجعله في دوامة من التفكير في ماهية كينونة هذا العالم الواسع ، كلما ترائى له خيط النجاة من بعيد ، يبتعد اكثر ويصبح طريقه اكثر حلكة وسواداً ، وكأنما القدر لا يزال يخبئ في جعبته المزيد من الالم له ، والمزيد من الاحداث التي تثقل الكاهلين
كل ما فعله هو النظر الى كازو ، الذي وبدوره لم تخفى من ملامحه علامات الغضب وبوادر القتل ، تنهد ساسكي بقوة ، اراد ان ينتهي كل شيء بخير وان يعود الى روتين حياته المعتادة ، حينما التقى بهذه الفتاة لم يعلم بأنه سيدخل في هذه الدوامة من المشاكل ، ولكن حتى ان علم ما كان ليفوت فرصة التعرف اليها والوقوع في مشاكلها ، لطالما كان فضولياً يحب معرفة كل شيء وهذا ما سيودي به في النهاية الى حتفه
فريق تاكا الذي كان واقفاً خلف الكواليس يشاهد هذه المسرحية ، قرر عد التدخل الان ، لان الاوضاع لا تزال حامية ونيران المعركة لا تزال مشتعلة ، عليهم فقط ان يراقبوا كل شيء من بعيد ويدعو لانتهاء الامر بسلام ، فقط قرروا التكفل بكل من جيراهيم ودانتاليون الذين لم يستعيدا وعيهما الى الان
اعاد ساسكي الصراخ بانفعال في وجهها وهو يقول : ان كنتِ ضائعة فأعيدي قلبك وجدي طريق الهداية
ابتسمت بسخرية شديدة على كلماته ، ارادت ان تقهقه الا انها منعت نفسها ، اردفت بعدها بهدوء : اعادة قلبي تعني اعادة شبح آيـآكا الى الطريق المستديم لملاحقتي مرة اخرى ، لا اعرف من تكون حتى تأمرني بهذا الشكل ولكني اقدر اهتمامك ، ولكن انت لا تعرف آيـآكا ولا تعرف ما هي قادرة عليه حتى ان كانت تتعفن في الجحيم
تفجرت براكين كازو الذي استمع لكل قول قالته ، تقدم منها بسرعة ليطبق على رقبتها بيديه الاثنتين ، عيناه الحمراوات تهتزان بقوة وغضب شديد ليردد بغضب مزمجر : فقدان الادراك ليس معناه فقدان العقلانية ، تفكيرك بالموت هكذا ليس الا دافعاً اعطاكِ اياه الحنين لرؤية الناس يهتمون بك ! الماضي ماضٍ ولن يعود الا ان كنتِ اقنعت نفسك بأنه عائد لا محال ! توقفي عن قول الترهات واستعيدي قلبك
تنهدت للمرة المليون منذ استيقاظها ، نظرت اليه وكأنما هي تنظر الى تمثال اصم لا حياة تدب فيه ، الا ان شرارة ما اشتعلت في قلبها ، ساورها الحنين لتشعر بنفسها في احضانه ، في لحظة خاطفة تقدمت منه بسرعة لتعانقه بقوة كبيرة اخرسته عن النطق وجعلت الدم يتجمع في وجنتيه لتجعله متوتراً اشد التوتر
رددت بعدها بهدوء : كما قالت آيـآكا من قبل ، لا امل في عالم ميئوس منه ، هذه قضية لا امل فيها وهذا العالم محتل من قبل الدمار والالم والطغيان والثوران ، طوال عصور التاريخ ، كل ما يمكننا ان نتعلمه من التاريخ ان البشر لم يتعلموا اصلاً من التاريخ وهذا امر اكيد ومستمر الى حين نهاية هذا الكون
لم يستمع حقاً الى عباراتها تلك ، بل كان منشغلاً بأمر عناقها له اكثر مما تقوله ، لم يعرف كيف يتصرف في هذه اللحظة ، هل يبعدها عنه ام يقربها اكثر منه ، انه لا ينوي اظهار أي من مشاعره الحقيقية في هذه اللحظات ، ولكن ربما ... فقط ربما يخونه القدر ويكشف كل شيء قد ستره غطاء الظلام
كانت النيران في قلب ساسكي تشتعل من هذا المنظر المثير للأعصاب ، اراد سحبها من بين احضانه ولكمها بقوة ، فكيف تجرؤ على المجاهرة بمثل هذه الخيانة ؟! ، شد على قبضته بقوة كبيرة وحاول ان يركز عقله على الكلمات التي نطقت بها منذ لحظات ، الا ان عقله ابى ان يستمع الى اوامره التي اعتقدها دوماً مطلقة
شيء اشبه بالسيال الكهربائي سرى في عقلها مما سبب لها صداعاً لا يحتمل ، ابتعدت عن كازو وهي تضم رأسها بيديها وتتأوه من الالم ، شعر الاخير بالقلق عليها وأحس بأمر منحوس يقترب من الافق ،اختفى الالم فجأة فأعادت النظر الى كل من كازو وساسكي بهدوء وكأنما هناك شخص قد امرها بفعل امر ما وهذا ما بدى على وجهها واتضح بقوة
ابتسمت بخبث لتقول بهدوء مثير للريبة : هل ستتركونني اقوم بما اريده او اقوم بقتالكم كي انال مرادي ؟
عاد الصداع الحاد مرة اخرى لتعتم الرؤية امام عينيها ، انها تراه مرة اخرى ، ذلك الشبح ذو الابتسامة الشاحبة والتي ارتسمت على مقلة عينيه شرارة حمراء لتكشر عن انيابه الشيطانية المستعدة لسفك الدماء
ادرك كازو هنا امراً – انها – تصارع الواقع المرير داخلها ، اقترب من ساسكي ليحدثه هامساً ببرود : اسمعني جيداً ايها الجرذ ، انها الان تصارع نفسها ، ولا تسألني كيف ، دارك كان مسئولاً عن ابقاء التوازن الروحي الخاص بها ، أي ان جانبها الشيطاني كان يحتل نصف كيانها ، ولكنه الان مضطرب لان دارك لم يعد موجوداً ، بمعنى اصح كي يفهمه عقلك الصغير ، الان هي في صراع بين قبول جزئها الشيطاني وعدم قبوله
فهم ساسكي تماماً ما كان قصد كازو من كلامه ، اومأ له بالإيجاب ، ثم همس هو الاخر بهدوء : ومالذي علينا فعله ؟
قطب حاجبيه وزمّ على شفتيه ليقول بغيض واضح : نتركها تفعل ما تريد ، على الارجح بأنها ستقوم بقتالنا لان شيطانيتها تأمرها بذلك
مشكلة اخرى ، يال الم الرأس الذي تصيبه هذه الفتاة لهذا الفتى الشتائي المسكين ، تنهد مستسلماً وقرر ان يترك التيار يأخذ مجراه
وقفت بشكل مستقيم وقد اختفت الملامح من وجهها ، ابتسمت ابتسامة باهتة لتخرج زفرة هواء باردة من بين ثنايا تشعبات رئتيها المثقلتين بالهموم
اقترب كازو اكثر من ساسكي ليقوم بجر شعره بقوة افزعت الاخير الذي كان يتأهب لحركة آيـآمي التالية ، التفت اليه منزعجاً وهو يردد بغضب : مالذي تريده ايها المتكبر ؟!
ظهر الاستياء على وجهه وقد كشف ذلك تلك التكشيرة التي فعلها بعينيه والتي تكون علامة كازو الفارقة عندما يتوعد شخصاً ما في قرارة نفسه
قال بصوت بالكاد سمعه ساسكي وقد كان متعمداً حتى يستمع هذا الجرذ اليه بدون تذمر في المرة القادمة : استمع ايها الصعلوك عديم النفع المغطى بطبقة من الشتوية المقززة ، انها لم تفقد ذاكرتها
لم يعرف كيف يعبر عن هذا اللقب الذي يجب ان يتوج كأطول لقب في عالم النينجا ، الا ان آخر كلمتين نطق بهما كازو قد انسته هذا اللقب الغريب
قال بانفعال واضح : مالذي تعنيه بأنها لم تفقد ذاكرتها ؟!
ابتسم كازو بخبث ليقول بهدوء مرعب : اعني ايها الجرذ بأنها محجوزة ، هناك فرق شاسع بين فقدان الذاكرة وحجبها ، عند حجبها تكون مجوفة تماماً ككأس من زجاج ولكن فقدان الذاكرة يجعلها في كتاب مغلق بمفتاح ذهبي ، والحجب يعني وكأنك قد محوت جزءاً من التاريخ لفترة معينة وهذه الفترة في حالتها الى حين تغلبها على شيطانيتها اما الفقدان – بالطبع – فهو يستمر الى فترة غير محدودة وقد يبقى الى الابد وكذلك الحجب يسمح لذكريات معينة وراسخة في الدماغ بالظهور على شكل معلومات وليس ذكريات على عكس فقدان الذاكرة الذي يظهرها في العادة على شكل ذكريات واضحة
ظهرت لمعة غريبة في عيني ساسكي وكأنه انتظر هذه الحقيقة منذ فترة ، ابتسم بثقة وهو يقول : قلبها كان حديقة سرية ، وأسوارها كانت شاهقة الارتفاع ، ولكنني الان قررت ان اتسلق تلك الاسوار و اكسر تلك الحواجز ، كي تعرف زهرة الاوركيد هذه بأن العالم ليس مجرد مرآة لما تراه في نفسها
صفّر كازو بانبهار على هذا التشبيه ، ابتسم وهو يقول بسخرية : يا فتى ! من تكون ؟! حفيد النينجا العظيم شيكسبير ؟! ابهرتني يا اوتشيها وعلي الاقرار انت حقاً شتوي مزعج
قهقه ساسكي بقوة على كلمات كازو ليرد بثقة : كلا ، بل انا اوتشيها ساسكي ، السائر في طريق الانتقام الموحش والذي لا يملؤه الا الرغبة بالقوة فقط
ظهر الازدراء على وجه كازو ليشيح بوجهه ويقول في قرارة نفسه : يشبه الاميبا هذا الفتى ، تسريحة الشعر المقززة تلك زادت الوضع سوءاً ، ربما علي اخذه الى الحلاق الخاص في عالم الشياطين لاحقاً
اعادا النظر الى حيث كانت آيـآمي واذا بها واقفة تنظر اليهما بملل ، استنشقت الهواء من حولها واستشعرت بما فيه من امور ، نظرت الى يمينا الى فريق – تاكا – الذي كان يراقب الوضع من بعيد والى كل من جيراهيم ودانتاليون الذين لم يعودا الى الوعي بعد
شعرت بدوامة غريبة في الجو ، آثار طاقة قوية تكتسح المكان وكأنما ملك من الملوك كان هنا وترك اثره التاريخي في المكان
ازاحت ذلك التفكير من رأسها وفكرت فيما فعلته للتنين داخلها ، استطاعت ان تسيطر عليه تماماً وتجعله طوع امرها المطلق وهي الان على اتم الاستعداد لإخراجه في أي وقت كي يقضي على الموجودين
ولكن هناك امر داخلها ، في الجذع الايسر من جسدها البشري و في مكان خاوٍ لا يتعدى حجم قبضة اليد ، تشعر فيه بقلبها يقترب ، تشعر بالألم يعود الى مكانه المجوف ، نظرت الى السماء مرة اخرى لتجد بأن الغيوم الحمراء قد اختفت وعادت السماء طبيعية
اعادت النظر الى كلٍ من ساسكي وكازو الذين كانا منهمكين في الحديث ، شعور غريب راودها في تلك اللحظة وكأنما هي تريد ان تكون بينهما الان وليس بعيدة اشد البعد حيث لا يمكنها ان تفهم شيئاً مما يقولانه
الرجل صاحب الشعر الارجواني ، لا تعلم لما تشعر بشعور غريب تجاهه وكأنما هناك شيء ما يربطها به ، شيء في كينونتها وتكوينها ، حبل لا يمكن قطعه على الاطلاق ، اما الاخر ذو الشعر الفحمي الذي جسّد فصل الشتاء بتعبير وجهه ، لو كان لها قلب لخفق بمجرد النظر الى وجهه ولكن ....
نفضت تلك الافكار من عقلها واخذت تحرك يديها لتعمل بعض الاختام بسرعة لتضرب الارض بعدها ، اهتزت الارض وأدرك رجلانا الوضع ليقفزا بسرعة الى الاعلى
ولكن تفاجئا بوجود نسختين منها قامت بضربهما بقوة كبيرة اسقطتهما على الارض ، وقفا بسرعة لتبتسم هي ابتسامة مليئة بالشر ، اعادت عمل اختام معينة
شعر كل من كازو وساسكي وكأنما مقيدان بحبال غير مرئية ، اخذت آيـآمي تحرك اصابعها ليتحرك كل من ساسكي وكازو على اثرها
ادركا بأنهما وقعا تحت تأثير نوع من التقنيات التي تتحكم بالاشخاص وكأنهم دمى ، آيـآمي تحرك اصابعها ليتحرك كازو ويضرب ساسكي بقوة كبيرة ، تأثر ساسكي واخذ فمه ينزف ليتحرك فوق ارادته ويركل كازو بقوة في بطنه ، والذي غضب بقوة لتحركه آيـآمي مرة اخرى ليضرب ساسكي
ظلا على هذا الحال لفترة وهي تستمتع باللعب بهما كالدمى الخاصة بالاطفال ، توقفت بعد فترة وفكت التقنية وهي تنظر اليهما بابتسامة غامضة ، رددت بعدها : هل تريدون تركي الان ؟! آيـآكا تريدني وعلي ايقافها وقتل نفسي ، لا اعلم لما تريدان ايقافي ولكني لا اريد حقاً ان اؤذيكما
ابتسما ابتسامة سخرية على كلامها ، حيث رددا في نفس الوقت ونفس الغضب : قبلنا التحدي
تعجبت منهما للحظة لكن سرعان ما سرت قهقهاتها في كل مكان وهي ترمق كلاً منهما بعيون حادة ،توقفت بعد فترة لتنبلج عيناها ، نظرت ناحية الغرب وهي تشعر بعيون ما تراقبها ، لم تكن تلك العيون عادية على الاطلاق ، سببت لها بعض الاضطراب
رددت في نفسها بحذر : اوتشيها ؟!
في لحظة كان رجلانا واقفين امامها ليسددا تلك اللكمات القوية ، اصابتها قليلاً الا انها تراجعت في اللحظة المناسبة لتفادي الضرر الاكبر
مكان قلبها الخاوي يؤلمها كثيراً ، لا تعلم السبب ولكنها ترجو ان لا يكون قلبها متواجداً في المكان والا ستفشل خطتها في منع آيـآكا من تتبعها
بدأ ضباب ابيض بالتكون حولها ، عرفت بأن كازو هو السبب في هذا ، اخذت تنظر في كل الجهات مترقبة ظهور احدهما ، لان الضباب كان كثيفاً جداً ولم تتمكن من رؤية شيء
اصوات ضحك كانت تخترق سكون الضباب ، اصوات اطفال يضحكون بسرور ، لكن من جهة اخرى اصوات نحيب والم ، اصوات مرعبة قادمة من جهتها اليسرى
تشعر بأيادٍ خفية تمسك بأكتافها وتدفعها للسقوط ، ظهرت بقع لامعة في كل مكان من حولها ، همس غريب وبرودة اكتسحت الاجواء ، لم تكن هذه تقنية يستطيع أي احد ان ينفذها ، ان ذلك الرجل قوي ، هذا ما عرفته في باطن نفسها
اخذت تسير بين الضباب محاولة ايجاد مخرج منه ، لا توجد طريقة لقمع هذا الضباب لذا لم تستخدم أي تقنية ، صوت حفيف افعى ضخمة هذا ما سمعته خلفها ، التفتت بسرعة لترى ظلاً اسود ضخماً واقفاً بين الضباب
لم تخنها ذاكرتها لتميز بانها افعى ضخمة ترمقها بعيون صفراء لامعة ، قبضت الافعى بجسدها المرن عليها وأخذت تعتصرها بقوة كبيرة ، كانت تقاوم للإفلات إلا انها شعرت بالغضب العارم فأحيط جسدها بهالة حمراء انفجرت الافعى الى اشلاء على اثرها
اخذ الضباب بالانحسار تدريجياً ، وقفت هي تنتظر الى حين انحساره تماماً ، الا ان ركلة قوية على ظهرها قد دفعتها بقوة ناحية شخص آخر والذي بدوره لكمها بقوة على صدرها لتسقط على ركبتيها وهي تسعل بشدة
غضبت بل ثارت اعصابها حينما انحسر الضباب لتراهما واقفين امامها بعيون متحدية ، قفزت متراجعة الى الخلف وهي تتوعدهما
ابتسمت ابتسامة شريرة وهي ترفع قميصها الى الاعلى ، احمر وجهاهما وأشاحا ببصريهما بعيداً ، ظهر ختم ريو على بطنها لتقوم بوضع يدها عليها وتقوم بإدارته بقوة
صرخت بسعادة : اخرج ، ريو !
ظهر ختم ضخم تحت قدميها وهو يبرق بلون ارجواني داكن ، غيمت السماء بغيوم سوداء واخذت الرياح تعصف وتلك الطاقة الغريبة تتسلل خارج جسد آيـآمي
وفي لحظة لم يفقه اليها رجلانا ، ظهر ذلك التنين الضخم امامها ليفزع قلبيهما ، تراجعا بسرعة الى الخلف ليتقدم ريو بسرعة ويضربهما بقبضته القوية ، شعرا وكأن عظامها قد تفتتت من قوة الضربة
وقف كازو وهو يقول بغضب : انها تسيطر عليه ! يا للإزعاج
بصق ساسكي الدم من فمه وهو يقول : مالذي علينا فعله الان ؟!
وقف كازو وعلى وجهه اعتلت ملامح مرعبة : اتركه لي ، سأحوله الى دجاج مقلي
ابتسم الاخر ليقول : حسناً ، اترك المزعجة لي
ضرب كازو ساسكي بقوة كبيرة على رأسه لدرجة انه شعر بالعالم يدور من حوله ، عندما ادرك الامر التفت الى كازو بغضب وصرخ : لما ضربتني ؟
ظهرت النيران في عيني كازو وهو يقول بغضب : لا تنادي اختي اللطيفة بهذا اللقب الغبي
صرخ ساسكي بقوة اكبر : ماذا قلت ؟ لطيفة ؟! أي لطف في هذا الكائن المتعطش للدماء ؟!
ابتسم كازو بخبث ليقول ببعض الانزعاج : الستَ تحب هذه الكائنة المتعطشة للدماء ؟!
احمرت وجنتاه ، ابتعد قليلاً عن كازو ليقول : لنبدأ ، ريو يبدو منزعجاً
زمجر ريو بقوة كبيرة دليلاً على غضبه لتظلم الدنيا اكثر وتزداد قوة الرياح العاتية ، برقت عيناه الحمراوات بشدة وهو يهجم ناحية كازو الذي استطاع بالكاد تفادي هذه الهجمة القوية
فرد كازو راحة يده بقوة ليظهر سيف من البرق فيها سرعان ما تحول الى ما يشبه الرمح ، القاه بسرعة وبدقة ناحية صدر ريو لتصيبه الضربة ويزمجر بصوت اعلى من سابقه
فتح ريو فمه باتساع شديد لتبدأ طاقة ارجوانية داكنه بالتشكل داخله ، سرعان ما اصبحت كرة ضخمة من الطاقة المدمرة حيث ارسلها ناحية كازو الذي تفاداها بسرعة
انفجرت تلك الكرة مخلفة خلفها دماراً لم يشهد له احد من مثيل ، تراجع كازو مصدوماً وهو يرى ان معالم المنطقة قد اختفت تماماً والأشجار لم يعد لها وجود ، بحيرة الماء قد استوت بالأرض فأصبحت جافة تذر الرياح ترابها الاملس
تحرك كازو بسرعة كبيرة ليلكم ريو بقوة على وجهه ، اندفع ريو بقوة الى الخلف بفعل قوة كازو الخارقة حيث اصطدم بأحد الجبال الموجودة وسبب دماراً هائلاً
كور كازو يديه وهو يغمض عينيه ويتنفس بعمق ، ردد بعض العبارات الغريبة لتبدأ طاقة بالتشكل في يديه الاثنتين ، تحولت تلك الطاقة الى منجل اسود ذو هالة مرعبة امسكه كازو بيده اليمنى وهو يلوح به ناحية ريو
وقف ريو وفرد جناحيه ليطير في الجو ويري الجميع مقدار ضخامته المفزعة ، ابتسم كازو ليقفز في الجو كذلك ويقول بتكبر : لستَ الوحيد الذي يجيد الطيران ، ايها المسن الطاعن في الخرف
لمعت اظافر ريو بشدة ، واخذت تتحول الى ما يشبه السيوف الصغيرة التي اطلقها بسرعة خاطفة نحو كازو الا انه استطاع ان يوقفها بالمنجل بسهولة
ولكن من حيث لم يعرف اتته تلك السكينة الصغيرة التي اخترقت كتفه ، امسكها بقوة ليسحبها ويلقيها في الجو
لم يتوقع ان تترك تلك السكينة اثراً وان يصبح كتفه ذا لون اسود على اثرها ، اعاد بصره الى ريو الذي كان يبتسم بشر مطلق ، ادرك كازو كون السكاكين تلك مسمومة وانها قد تقتل أي شيطان – حتى هو – بسبب قوة سمها
بدأ يشعر ببعض الدوار الذي لم يرحمه ، الا انه قاوم هذا وقرر القتال بقوة وشراسة والا ان كبريائه كأبن لساتان سوف يصبح محل وطئ الاقدام
اغمض ريو عينيه وراح يزفر هواءً احمر من رئتيه حتى تشبع الجو به ، احاط الضباب الاحمر بكازو الذي لم يفقه سبب حاجة ريو اليه
بدأ حيال شخص يتشكل امامه ، امرأة ... هذا ما عرفه من شكل الخيال الذي بدأ يظهر بهدوء
لا يعلم لما بدأت اوصاله بالارتجاف ، وبدأ تنفسه يصبح هستيرياً كلما اتضح ذلك الكيان الغامض ، عينا تلمعان بالالم والحسرة
شهق بقوة عندما ادرك ان الخيال الواقف هو ............ لوالدته !
وقف ساسكي امامها وهو ينظر اليها بحذر شديد ، اعادت بصرها اليه لتقول : سأنهيك بسرعة
ابتسم الاخير على كلمتها وهو يرجو ان ينتهي الامر بسرعة وسلاسة ، اختفت من امامه لتظهر خلفه بسرعة وتخترق يدها صدره
اطبقت على قلب ساسكي بيديها الاثنتين وهي تنظر الى عينيه المفزوعتين ببرود شديد ، اغمضت عينيها وانتشلت يدها من صدره وهي تتراجع الى الخلف
لم يدرك سبب فعلها هذا ، هل هو لمجرد ان تخيفه وتجعله يظن ان نهايته قريبة ؟ ام انها فعلت به امراً لم يفقه اليه بعد ؟!
اخذت تسير ناحيته بخطوات هادئة حتى وصلت اليه وأحاطت وجهه بيديها الاثنتين لتهمس في اذنه : لا تزال تسمع صوت صراخهم من القبر اليس كذلك ؟ لا زلت ترى امطار الدماء التي تسقط على عالمك الرمادي البحت ، رعب مدموج بأسرار مخفية ، هل يمكنك حل الاحجية ؟! كل ما في كيانك يرجو الانتقام وانت فقط لا تزال تحب الشخص الذي سبب لك لوعة الفراق ! عجيب امرك يا فتى ، التناقض داخلك يشبهني ، كلما نظرت اليك اشعر برغبة باحتضانك وحمايتك وليس قتلك وإذلالك ، هل انت الملاك الحارس الذي انتظرته مطولاً ؟!
عيناه ترتجفان بغير تصديق ، مالذي تتفوه به هذه الفتاة ؟ هل فقدت رشدها ؟! ، لا يعلم كيف يتصرف في هذه اللحظة وكل ما يعرفه هو ضرورة اعادتها اليه
ابتسم ابتسامة نقية عكست احدى ذكرياته معها ، ردد على اثرها بصوت دافئ – غير معهود منه – مليء بالشغف : في البداية كنتِ الشخص الذي امقته اكثر من أي شيء ، ولكن كلما بدأت اقترب منكِ كلما نمى شيء ما داخلي ، شيء قد ايقظتيه من سباته الازلي ، قلبي .. استطعتِ اذابة الثلج الذي احاط به وكون سجنه منذ سنوات ، استطعتي وبقليل من الكراهية المتبادلة ان تعيدي احياء جسدي بعدما كان جثة حية تسير بلا هداية في طريق الظلام ، اصبحتي النبض الذي اعشقه اكثر من أي شيء وسوف استعيدك لا محال
كان فمها مفتوحاً من الصدمة التي تلقتها في كلماته ، اقتربت منه لتجره من ياقة ملابسه بغضب وتصرخ في وجهه بانفعال شديد : لماذا ؟
تعجب من استفهامها الغريب ، اكملت بنفس النبرة السابقة : لما تنكث جراحاً عمرها اكثر من آلاف السنوات ؟! لما تنكأ عميقاً في جراحي بهذه الكلمات ؟! ، الا تعلم ان قصص العشاق دائماً ما تنتهي بموت احدهما او كلاهما ؟! او ان يفترقا ويعيشا في جحيم ازلي ؟! الا تعلم ان نهايات السعيدة موجودة فقط في القصص الخيالية ؟! لا يخدعنك مظهري الهادئ ، هناك اعصار داخلي يدوي بشدة ويلقي بآثار المي على كل بقعة في جسدي ، اتذكر ... استطيع ان اتذكر كل شيء ، موت والدتي ، موت ذلك الطبيب الطيب وموت اصدقائي الاطفال ! ولكن كل شيء يختفي في ذلك اليوم الذي تركت فيه المدعو ايتاتشي ، كله يتوقف هنا ، استطيع ان اتذكر الاسماء ولكن الوجوه لا ، كلما حاولت تذكر وجه احد ما ... ملامحه تصبح سوداء وصوته يتحول الى نحيب وصراخ مدوي يصم الاذان ، انا اسقط في هاوية لا قعر لها ، وهل تعلم لما ؟! ليس لان دارك الاحمق ذهب وحسب ، بل لانه ترك الفجوة التي تحتلها آيـآكا مفتوحة .... والان هي في اثري وسوف تعثر علي ما ان يعاد قلبي ليبدأ كابوسي الحقيقي بعدها
لا يعلم هل عيناه تخدعانه ام انها تبكي حقاً ، لا يعلم هل كلماتها هي ما سبب له هذا الهيجان في مشاعره ام وجهها الحزين الذي رافقته نبرتها المكسورة ! دفعته بقوة الى الخلف وهي تصرخ قائلة : سأدمر كل شيء ان لم تدعني اسعى في طريقي
انه الان امام الجحيم بعينه ، اضطراب شديد ملأ كيانه كاملاً ، الم وذكريات وموج فائض اكتسح وجدانه ، بدأت شياطينه الداخلية تنكأ جراح الماضي بعنف لتظهر علاماتها على وجهه المكفهر بحسرة ، لازال يكيل الى نفسه حقيقة تسببه في مقتلها ، لا زال يكن داخله لقاتليها اشد العداء
ولكن مالذي يهم الان ؟! انها تقف امامه مستعدة لقتاله ، يعلم انها مجرد وهم سببه هذا الضباب الكثيف ولكنه لا يقدر حتى وان كانت وهماً على ان يؤذيها
فكيف يمكن لابن ان يؤذي امه ؟!
ابتسمت له ابتسامة حانية وهي تقول بهدوء : لا تقلق كازو ، انتَ قوي ويمكنك ان تزيل هذا الوهم بمجرد طعني هنا في قلبي !
مالذي تحاول فعله هذه المرأة ؟! هل تريد اختباره ؟ ام تريد ان تقوده الى حافة الجنون ؟! كيف يمكنه ان يؤذيها ؟! كيف يمكن له ان يطعنها في قلبها ؟!
وهو الذي كان يذهب الى قبرها منذ وقت وفاتها ليخرج ما يختلج في صدره من الم وإنكار واحتقار لنفسه ، كيف يمكن له ان يقتلها لمرتين ؟!
جسده يرتجف بقوة وعيناه تحملان عناداً قوياً وألماً ممتزجاً بواقع مرير ، اخذ يلهث بشدة وهو يرمق والدته بنظرات الوعيد والتأسف
لا يعرف كيف ستأتيه الشجاعة كي يقدم على فعلته التالية ، اخرج خنجراً كانت قد اهدته له بمناسبة ارتكابه لاول مجزرة شياطين عندما كان طفلاً
له لون ذهبي ونقش عليه عبارة : احمي طفلي من الخوف ومن العدو
وقد كانت مكتوبة بنوع من المجوهرات النادرة والثمينة ، اغمض عينيه وهو يرتجف بشدة ، فتحت والدته يديها وهي تقول : تعال الي ودعني اعناقك للمرة الاخيرة
في لحظة لم يفقه اليها احد كان امامها ليحرك يده بسرعة كبيرة مخترقاً قلبها ، تناثرت دمائها على وجهه وهي تبتسم ، عانقته بقوة وهي تقول له بفخر : اصبحت رجلاً كازو ، كما تمنيتُ تماماً
كانت دموعه تسقط بدون ان يشعر ، شلال في وقت عاصف قد صادف فاجعة ادت الى تفجر كل محتوياته ، ربما تكون هذه هي العبارة الامثل لوصف دموعه المنهمرة بشدة
اغمضت شارون عينيها وخط الدماء القرمزية يسيل من فمها وهي تقول : احبك ، تذكر هذا وامضي في طريقك ، سرّ نحو اهدافك ولا تدع عقبة تقف في طريقك ، انت قادر على الوصول الى مبتغاك ، لانك لست مثلي ، انت قوي !
تناثر جسدها في الهواء كحبات من الذهب ملأ الجو لمعاناً ، انقشع الضباب الاحمر ليظهر ريو خلفه والذي لم يكن في كامل وعيه بدوره
نظر اليه كازو بابتسامة غاضبة وهو يمسح دموعه من على وجهه ليقول : عجوز هرم ، سوف اريك الالم الحقيقي
تقدم كازو بسرعة نحو ريو وهاجمة بالمنجل ليجرحه بشدة بجانب قلبه ، اخذ الدم يسيل من صدر ريو بغزارة وسرعان ما خفتت حركته لان منجل كازو يحتوي على سم قاتل ولكن في حالة ريو فأنه سيسبب له الخمول وحسب ، ولكن قبل ان يفقد وعيده حرك يده باتجاه كازو ليضربه بقوة وهو يصرخ بوعيد : ستندم ايها البتار رقم واحد ، انا ريو – ساما لن احرمك في المرة القادمة
ثم استلقى ريو على الارض ليغط في نوم عميق
انهى كازو مهمته مع ريو وجلس بجانبه وهو يردد بهدوء : قتالك ممتاز بالنسبة لعجوز خرف
زمّت آيـآمي على شفتيها بقوة فهي ادركت ان السيطرة على ريو افقدته الكثير من الطاقة ، حركت يدها فاختفى ريو مجدداً وعاد الى داخلها
تقدم ساسكي بسرعة ولكم آيـآمي بقوة على وجهها فاندفعت الى الخلف ، اخرج السيف وهاجمها به ليجرج وجنتها اليسرى
تعجبت من سرعته الشديدة في القتال ، الا انها قررت ان ترد له الصاع صاعين لما فعله
ظهر من خلفها من حيث من لم تعلم ليخترق معدتها مستخدماً تشيدوري ، تراجعت الى الخلف وهي تسعل وتشاهد دمها ينزف بشدة من الهجمة القوية التي حصلت عليها
عرفت بأنه ليس مجر فتى عادي بل هو اكثر من هذا ، ابتسمت وهي تشفي نفسها ولكن على ما يبدو فهو كان يتوقع هذا
ظهر امامها ليمسك برقبتها بقوة ويرميها على الارض ، جلس فوقها وهو يلوح بالسيف في وجهها ويقول : لا تستهيني بي
ركلته بقوة ليقف متأهباً مرة اخرى ، وقفت وهي تراقب تحركاته ، اسرع بعمل الاختام ليظهر ناراً هائجة من فمه
تفادتها بصعوبة بسبب الاصابة الشديدة التي حلت بها ، اصابت النار جزءاً من يدها اليمنى فاحترقت قليلاً ، ابتسم بغرور وثقة وهو يشاهدها تقف عاجزة امامه ، هي لا تريد ايذائه ولكن يبدو وكأنه يجب ان تفعل هذا
بسرعة خاطفة كانت واقفة امامه ، قبلت جبينه بحركة سريعة لتسبب له توتراً شديداً ، ظهرت علامة ما على جبينه مكان القبلة وهي تبتسم بغضب
وقفت امام ساسكي ويبدو وكأنها غضبت هذه المرة بشكل كبير ، اسرعت بعمل بعض الاختام ثم وقفت بشكل مستقيم
خلفها ظهر كيان ضخم ، ملاك ذو اجنحة بيضاء قد مزقت في بعض الجوانب وباتت دمائه القرمزية تسيل منها ، شعر ذهبي قد رسم بخيوط الذهب ليختلط بأشعة الشمس ، عيون زرقاء عكست صفاء البحار ، ووجه جميل قد حمل علامات الشقاء
فردت تلك الملاك يديها لتبدأ بالغناء ، كانت اغنية غاية في الجمال والهدوء ، اسرت كل الموجودين وسلبت وعيهم في ثوانِ
ساسكي لم يكن اقل حالاً من الاخرين فقد اُسر تماماً بفعل هذه التهويدة الهادئة ، مدت تلك الملاك يدها الى ساسكي ليتحرك صوبها دون أي شعور
مدت آيـآمي يدها اليه وهي تنتظر ان يمسك بيدها ..
ظنت بأن خطتها ستنجح هذه المرة الا ان تلك الصرخة قد افشلت كل ما خططت له
: راسينجان
هجمتان من الراسينجان ، واحدة من الخلف والاخرى من الامام ، ومن هاجمها كان ناروتو وجيرايا اللذين خططا لهذا وهما يراقبان الوضع
دُفعت آيـآمي بقوة كبيرة ولم يكن شيء ليوقفها لولا ان امسكها ذلك الرجل ذو الشعر الفحمي ، وقف صاحبه بجانبه وهو يقول بنبرته الساخرة : لم يكن امراً سهلاً اليس كذلك ، ايتاتشي – سان
شد ايتاتشي على جسد آيـآمي وهو يقول : لولا جيرايا – ساما وناروتو لكنا اوقفنا تلك المهزلة منذ امد ولكنهما رفضا هذا
ركلت آيـآمي ايتاتشي وابتعدت عنه مسرعة ، وقفت لترى المجموعة الجديدة التي وفدت للتو ، شعرت ببعض الانزعاج وطلبت منهم التنحي الا انهم رفضوا هذا تماماً
ظهرت من خلفهن فتاة وردية بدت مألوفة لآيـآمي بشكل كبير وهي تتجه الى ساسكي وهي تصرخ بقلق : ساسكي – كون!
وقفت تلك الفتاة تعالج جراح ساسكي الذي لم يكن سعيداً بهذا ، شعرت آيـآمي بالانزعاج من تلك الفتاة ، وتسائلت كيف تجرؤ على الاقتراب منه بهذا الشكل
تجاهلت شعور الغيرة الذي اكتسحها بشدة وقررت التركيز على الحاضرين هنا ، الفريق المكون من ناروتو وجيرايا وايتاتشي وكيسامي
تنهدت بحنق ، اخذت ترتفع في الهواء حتى علت علواً شاهقاً ، تعجب الجميع من هذا وقرروا رؤية ما سيحدث
اخذت تنفذ بعض الاختام وقد تأهب الجميع لهجومها التالي ، اتسعت حدقتا اعينهم حينما شاهدوا السماء تطوى وكأنها صفحات كتاب منشور
سرعان ما اظلم جزء منها ليظهر ذلك النيزك الضخم في الجو ، صُدم الجميع بهذا
قال جيرايا بقلق : لا عجب في انها تستطيع تنفيذ هذه التقنية القوية ، مادارا هو جدها في النهاية
التفت ايتاتشي الى جيرايا وقال له بهدوء : جيرايا – ساما لنتكفل انا وانت بأيقاف النيزك
هز جيرايا رأسه بالايجاب ليلتفت الى ناروتو ويقول له : ناروتو ، اذهب ناحية ساسكي وساكورا وابقى هناك برفقتهم ، كيسامي فالتذهب ناحية اولئك الاولاد وكن درعهم الحصين
نفذ الجميع الاوامر ، اتجه ناروتو الى حيث هي ساكورا تعالج ساسكي المصاب ، وقف بجانب ساسكي بابتسامة واسعة وهو يقول : ما رأيك ساسكي ، كنت مذهلاً في ايقافها اليس كذلك ؟
رمقه ساسكي بنظرات الوعيد وقال له بغضب : ان تأذت فسوف اقتلك ، ناروتو
ظهر ظل ازرق على وجه ناروتو من الرعب ليقول مبرراً فعلته : لا لا تقلق انها قوية لن تتأثر بهذا
اردفت ساكورا بقلق بعد حين : ساسكي – كون قل لي ما هذا الجرح بجانب قلبك ؟
نظر اليها ساسكي بقليل من الانزعاج ليقول : لا شأن لكِ فالتكملي عملك فقط
تحسست قليلاً من نبرته الجافة في الحديث معها ، الا انها لم تلمه فهو كان يقاتل بضراوة ولابد من انه منهك تماماً من هذا
اما ايتاتشي وجيرايا فقد وقفا بجانب بعضهما البعض ، تشاركا في عمل احدا اقوى تقنيات النينجا ، قفزا في الجو ناحية ذلك النيزك الذي ان سقط فلابد من ان يدمر كل شيء من حوله لأميال
كانت التقنية عبارة عن تشارك تشاكرا بين الاثنين حيث وضع جيرايا تشاكرا الناسك ووضع ايتاتشي تشاكرا الاوتشيها الخاصة مكونين حجراً صغيراً احمر اللون وقاتم ولكنه يحتوي على طاقة مدمرة
القياه ناحية النيزك ، فارتطم به ونتج عن ذلك انفجار هائل في السماء ، قد جعل العالم يبدو ابيض اللون في اعين الحاضرين في تلك اللحظة
انقشع اللون الابيض بعد برهة ليثبت اختفاء النيزك من السماء ، حطت آيـآمي على الارض وهي كانت تتوقع هذا الامر منذ البداية
شدت على ناحية صدرها الايسر ، قلبها ، انه موجود هنا لدى احد الحاضرين في المكان ولكنها لا تستطيع ان تحكم بالضبط اين هو
الالم يكتسح كيانها بشدة ، انها تشعر برئتيها تضيقان وكأنما احد ما يعصرهما بقوة ، سقطت على ركبتيها وهي تسعل دماً كثيفاً ، كانت بالكاد تتنفس
صرخ ساسكي من بعيد بقلق : آيـآمي !!
اقترب ايتاتشي منها وهو يحمل كوناي من اجل ان يطعنها وينهي الامر ، هوت يده في الهواء كي ينفذ الامر الا ان كازو منعه في لحظة وعلامات الحقد قد ارتسمت على وجهه
صرخ بحدة في وجه ايتاتشي : اياكَ ان تجرؤ !
تفاجئ ايتاتشي فتراجع بسرعة الى الخلف وهو يراقب نظرات كازو الغاضبة ، رفعت آيـآمي ببصرها لتنظر الى كازو الغاضب من اجلها
جالت في بالها ذكرى غريبة ، وكأن شخصاُ ما منذ امدٍ بعيد قد وقف يحميها بنفس هذه الطريقة ، لم يسعها تذكر ملامح وجهه ولكنها كانت تشابه ملامح الرجل الواقف امامها
وقفت هي بدورها لتتراجع الى الخلف ، نظر كازو خلفه فأدرك محاولتها للانسحاب ، فرقع بيديه لتظهر لمعة غريبة في الهواء
اصطدمت بحاجز خفي قد انشأه كازو للتو كي لا تهرب ، التفتت اليهم وهي تصرخ : اياكم ومحاولة اعادة قلبي ! انا لا اريده
تقدم كازو وهو يقول بهدوء : لا تقلقي يا صغيرة ، سنتكفل بأمر آيـآكا فيما بعد
همست في نفسها بحقد : وكأني سأترككم
شبكت بيديها الاثنتين وضربت الارض بقوة ، بدأ زلزال قوي يهز الارض الصلبة ، ظهرت تشققات في السماء وتصدعات غريبة وبدأت بالاتساع شيئاً فشيئاً
ظهر منها ثلاثة شياطين سود ، ضخام الهيئة ، لا يمتلكون ذرة مشاعر في داخلهم ولهم هيئات الوحوش
عرفهم كازو بسرعة ، تراجع الى الخلف بقلق وهو يردد في نفسه : منذ متى استطاعت ان تروضهم ؟!
تقدم جيرايا وايتاتشي الا ان كازو صرخ وقال : اياكم ! لن تقدروا عليهم ابداً
تعجب الجميع ليكمل كازو بقلق : انهم من الحرس الملكي ، انهم اقوياء لدرجة الجنون ، نحن ابناء ساتان لم نتمكن من ترويض واحد فقط رغم اجتماعنا عليه
شعر الجميع بالقلق ، تراجعوا الى الخلف وهم متأهبون لانقضاض هذه الوحوش عليهم في أي لحظة
كانت آيـآمي تتنفس بصعوبة بالغة وهي تشعر باقتراب قلبها منها ، لم ترد حقاً استدعاء هذه الشياطين ولكن لم يكن لديها خيار آخر كي تحمي نفسها منهم
نظرت ناحية ساسكي الذي لا يزال يتم علاجه من قبل ساكورا ، اعادت بصرها الى حيث الجميع ثم فرقعت بأصابعها ليتحرك الجنود
لم يتمكن أي منهم من الحركة ، بدوا وكأنما قد شلوا بفعل شخص ما ، الجنود السود الثلاثة تحركوا ناحيتهم ليقف واحد مقابلاً كل شخص منهم
امسكوا برؤوسهم بأيديهم وهم ينظرون اليهم بعيونهم البيضاء الشبحية ، بدأت اقدامهم بالتحجر ، ادركوا بأنهم سيتحولون الى تماثيل حجرية بعد فترة بفعل هؤلاء الشياطين السود الغريبين
ابتعدت الشياطين وهم يعودون الى حماية آيـآمي ، اعطتهم الاشارة بأن يبقوا ثابتين ثم اتجهت ناحية ساسكي
وقفت امام ناروتو الذي بدا عليه الغضب وهو يقول : ني – سان ، لا اريد ان اقاتلك توقفي عن هذا
نظرت اليه بانزعاج واضح لتقول : ليس من شأنك
ثم تجاوزته ليهجم عليها من الخلف الا انها ركلته بقوة ليعاود الوقوف ، اظهر كوناي ثم طعن كتفها به ، انتشلت الكوناي بسرعة وهاجمت به ناروتو لتطعنه في معدته ويسقط على ركبتيه
صرخت ساكورا : ناروتو !
زمّ ساسكي على شفتيه وهو يشاهد ناروتو ينتزع الكوناي من بطنه بصعوبة ، وقفت آيـآمي امام ساسكي الذي اخذ يحدق في عينيها بغضب
لكن في لحظة اتسعت عيناه على اقصى اتساع لهما وهو يشاهد صورة ما في عقله ، التفتت آيـآمي اليه وهي تبكي بحرقة وتقول بأسى وترجي : ساسكي ، انقذني
اختفت تلك الصورة من عقله وهو ينظر اليها مرة اخرى واقفة امامه ، ابتعدت قليلاً عندما ادركت بأنه قد شاهد شيئاَ لا يجب عليه ان يراه
وجهت اليه سؤالاً واحداً وبنبرة عصبية : قلت سابقاً بأنك ستنقذني ، لما تريد انقاذي ؟!
الجميع في تلك اللحظة قد نصبوا اعينهم على ساسكي ، منتظرين اجابته الدامغة
قطب حاجبيه بغضب شديد وظهر الحقد على ملامحه ليصرخ بقوة : اليس واضحاً ؟ لاني احبك ايتها الغبية
تفاجئ الجميع باجابته تلك ، بما فيهم ساكورا التي اصبحت الدنيا سوداء في عينيها ، اما الاخرى فقد كانت مصدومة من هذه الاجابة التي لم تتوقعها على الاطلاق ، رددت بعدم تصديق : تحبني ؟! انا ؟
في حركة خاطفة تحرك ساسكي من مكانه ليمسك برأس آيـآمي ويقربها منه بقوة ، التحمت شفتاه مع شفاهها بحرارة ويده اليمنى تخترق صدرها الايسر الفارغ
عيناها كانتا ضائعتين ، لم تعرف فيما يجب ان تركز عليه ، هل هي القبلة الحارقة ؟! او يده التي تخترق صدرها ؟
ولكن من خلفه كانت الفتاة الوردية ترتجف بقوة وصدمة ، وقدماها غير قادرتين على ان تحملاها من الصدمة التي حلت بها الان ، انها ترى محبوبها يحب فتاة اخرى ويقبلها امام ناظريها
كانت تعرف بهذا ، بل كانت تتوقع هذا منذ البداية وكانت تتأهب كي تتلقى هذه الصدمة ولكنها لم تتوقع بأن تكون بهذه القسوة على قلبها
دموعها تسقط الان بهدوء وغزارة وحرقة ، فهي تعلم بأنها لن تصل اليه مهما حاولت ، لذا قررت الاستسلام لهذا الواقع الاليم
بدأت تفقد الوعي تدريجياً حتى سقطت مغشياً عليها بين يديه وهو لا يزال يقبلها ، ابعد شفتيه عنها بعد مدة وهو ينظر الى الحال التي وضعها فيها
تنهد براحة لان الامر انتهى ، وصب تركيزه على ايتاتشي الذي اخذ ينظر اليه بنفس الطريقة
اختفى الجنود السود وعاد الجميع الى وضعهم الطبيعي ، ركض كازو ناحية ساسكي الذي كان جالساً بالقرب من آيـآمي بسرعة وهو يرجو بأن تكون بخير
جلس بجانبها ليجد بأنها مغشيٌ عليها ، تنهد براحة ليعيد نظره الى ايتاتشي الذي وقف خلفه يرمقه بنظرات غامضة
وقف وهو يقول له : فالتعد قلبها اذا
اقترب ايتاتشي منها ودنى اليها وسط نظرات ساسكي الحارقة والحاقدة ، اخرج كبسولة صغيرة وقد فتحها ليخرج قلب آيـآمي منها
وباستخدام تقنية ما استطاع ان يعيده دون الحاجة الى عمليات او مستشفى ، تنهد الجميع براحة لان الامر انتهى وقرروا ان ينتظروا الى حين تفتح آيـآمي عينيها وتستعيد وعيها
مرت ساعة كاملة ، خلالها لم يخفى على الجميع رغبة القتل الحادة التي اكتسحت كيان ساسكي تجاه اخيه ايتاتشي الذي تجاهل الامر بدوره
اصدرت آيـآمي بعض التحركات ، تجمع الجميع من حولها وهي تحاول فتح عينيها بهدوء ، فتحت عينيها ليبتسم الجميع وينادوا عليها
جلست معتدلة وهي تنظر اليهم جميعاً ، حلت الصدمة على وجوه الجميع وهم يرمقون وجهها بنظرات متفاجئة
نظرت اليهم بانزعاج وقالت : هل اضعتم شيئاً في وجهي ؟!
اقترب ناروتو بدهشة وهو يقول بغير تصديق : عينك اليمنى !
رفعت احد حاجبيها لتقول بهدوء : وما بها ؟!
رد ساسكي بنفس الانكار : انها زرقاء !
تحجرت في مكانها للحظة ، اخذت تبحث عن مرآة ، اخرجت ساكورا واحدة واعطتها اياها
انها الان تنظر الى انعكاس وجهها على المرآة ، عيناها كلتاهما طبيعيتان ، لم تعد عينها الشيطانية موجودة وهذا يعني امراً واحداً ، انها شيطانة كاملة الان وتسيطر على نفسها تماماً مثل والدها واخوتها
اخذت تبكي من الفرح وهي غير مصدقة لما يحدث حولها الان ، ابتسم الجميع بسعادة لاجلها
مرت ساعة اخرى اعتذرت فيها عن المشاكل التي سببتها ، قبل الجميع الاعتذار وشعروا بالسعادة لان الامر انتهى على خير
ولكن ساسكي لم ينتهي الامر بالنسبة له ، تقدم قليلاً من آيـتاتشي وهو يقول : سأقتلك
اخرج سيفه ليهجم على ايتاتشي الواقف بهدوء ولكنه توقف عندما شاهد آيـآمي تقف امامه لتحمي ايتاتشي
تفاجئ ايتاتشي بالامر كذلك ، صرخ ساسكي في وجهها : ابتعدي لا شأن لك
صرخت هي كذلك : انت لا تعلم شيئاً لذا اصمت
غضب ايتاتشي وقال بعصبية : آيـآمي التزمي الصمت ، لقد وعدتني بهذا
التفتت آيـآمي وقابلت وجه آيـتاتشي بغضب وهي تقول : لن اسمح لك بالموت بسبب اتهامات باطلة ، السر الدفين وراء قتلك لعشيرة الاوتشيها عليه ان ينشر ويعرفه الجميع ، لن ادعك تستمر بالكذب هكذا
لم يعرف كيف يرد عليها على الاطلاق بالذات عندما شاهد نظرات ساسكي الحائرة ، القى ساسكي السيف وامسك بآيـآمي وهو يقول : مالذي تعينه بكلامك هذا ؟! ما هو هذا السر الدفين ؟
امسكت بيده لتقول بهدوء : ايتاتشي لم يقتل الاوتشيها كي يختبر قوته كما اخبرك ، كلا بل هناك حقيقة مؤلمة ملطخة بدماء وفواجع كثيرة ، عليه ان يخبرك بها
التفت ساسكي الى ايتاتشي وهو يصرخ : اخبرني ! الان
تنهد ايتاتشي باستسلام واخذ يقص احداث تلك الليلة والحقيقة الكاملة على مسامع الجميع ، لا احد يمكنه ان يعبر عن سيل المشاعر الذي اكتسح الجميع بالذات ساسكي الذي لم يتمكن من استعياب هذا الكم الهائل من الصدمات دفعة واحدة
الجميع كادوا يفقدون رشدهم ، اخذ ساسكي يرتجف وهو يصرخ : كلا ، انت تكذب ، هذا لا يمكن ان يكون حقيقة
اغمض ايتاتشي عينيه ليقول : بلا هذه هي الحقيقة كاملة
تقدم منه وهو يصرخ بنفس الطريقة : اذا مالذي سأفعله الان ؟! خنت الجميع وتسببت بالكثير من المصائب ، مالذي علي ان افعله ، انسى كل شيء واستمر في طريقي ؟
تقدم ايتاتشي من ساسكي ليقول : كلا ، بل عليك ان تحفر ما فعلته في رأسك وتجعله درساً لا ينسى ابداً
انزل ساسكي رأسه وهو ينظر الى الارض ويقول : قد اقتلك لذنب لم تقترفه ، بل اقترفته كونوها
امسك ايتاتشي بكتف ساسكي وهو يقول : لا فائدة من الحقد على القرية ، انتهى الامر وانت تعرف الحقيقة ، عد اليها وعش حياتك واستمتع برفقة اصدقائك
ابتسمت آيـآمي وهي تقول : وانت كذلك ايها الاحمق ، ستعود اليها ونخبر الجميع بالذي حصل مع بعض التحريف في القصة كي لا يكرهوا الاوتشيها
ابتسم الجميع ورضوا بهذا ، التفتت آيـآمي كي تمضي في طريقها وتتركهم يعيشون بسلام ، اوقفوها ليسألها ناروتو : الى أين ؟!
ابتسمت بخفوت وهي تقول : ليس الى مكان محدد
تقدمت ساكورا وهي تقول : وطنك ينتظرك
التفتت اليهم متحيرة ، قال الجميع بصوت واحد : مرحباً بك مجدداُ في كونوها
وكأن تلك الغشاوة التي كانت تحيط بعينيها قد انقشعت ، وكأنما النور بدأ يدخل الى قلبها مجدداً بعد ان بهت وبال امره ، ابتسمت وقد اغرورقت عيناها وهي تقول في نفسها : وهل لي وطن يا ترى ؟!
قالت بعدها بهدوء : لقد عدت ، كونوها !
ومن بين اهازيج الفرح ، ظهر الخبيث من ورائهم خائفاً ، يحمل الذعر في ملامحه ، اقترب بسرعة من آيـآمي وهو يهزها بعنف صارخاً : انتِ الوحيدة ! انتِ الوحيدة التي يمكنك ايقافها
ذعر الجميع منه ، فمن اين اتى هذا الرجل فجأة ومالذي يقوله ؟! هل فقد عقله
اقترب جيرايا منه ليسحبه منها وهو لا يزال يصرخ بعبارته ، فزعت آيـآمي وقالت له : مالذي فعلته ؟!
قال بخوف وذعر : لم اعتقد ان يحدث هذا ، ولكنه حدث ، انها حية مرة اخرى ولكن بشكل اكثر رعباً
ادركت آيـآمي شيئاً في قرارة نفسها فصرخت بذعر وخوف والم : ايها الحقير ، لما فعلت هذا لما ؟!
انزل اوروتشيمارو رأسه وهو يقول : لم ارد هذا ، لم ارد ان اعيد اوتشيها مارينا الى الحياة !
صدم الجميع واختفت اصواتهم فجأة ، بالذات جيرايا الذي انهال بالضرب على اوروتشيمارو من صدمته البالغة
آيـآمي ترتجف بشدة وذعر ، غير مصدقة لهذا الخبر الذي لم تتوقع ان تسمعه على الاطلاق ، التفتت بسرعة وهي تردد : علي ان اقتلها ، علي ان اوقفها والا ...
استوقفتها تلك الصفعة القوية ، امسك بها شخص وعانقها بقوة كبيرة ، نظرت الى ملامحه المضطربة وهي تحاول ابعاد نفسها عنه ، الا انه استمر بعناقها طويلا وهو يقول : لا عليكِ ، لا عليكِ ، سنحل الامر ، اعدكِ بهذا ولكن اهدئي الان ، انا ارجوكِ يا صغيرة
هدأت بين احضان كازو وهي تبكي بحرقة ، لم تتوقع ان تسمع خبر اعادة والدتها الى الحياة ، الذي يجب ان يكون مفرحاً ولكنه الان خبر سيصبح العالم اسود به ، فهي لابد ان تكون ...
ابتعد عنها واخذ يسمح دموعها بيديه الاثنتين ،قبلها بين عينيها واخبرها بضرورة الذهاب ، ذهب الى كل من جيراهيم ودانتاليون اللذين يشخران بحدة في نومهما
غضب وانهال عليهما ضرباً حتى تكسرت عظامهما واستيقظا فزعين ، اخذ يسحبهما من اقدامهما وهو يقول بغضب : سنعود الى المنزل ، ايها الاحمقان
اختفى كازو تاركاً آيـآمي مع الباقين ، قام جيرايا بتقييد اوروتشيمارو وكابوتو وقال : سوف تكونان ضيفين لسجون كونوها يا عزيزي ، كم انا متشوق لهذا
صدى صوت في اذن آيـآمي وكاد يصمها وهو يقول بتوتر : يا الهي ! مالذي فاتني ؟ هل حدث امر مثير ؟! اين ذهبت تلك الفتيات الجميلات ؟ واين الشاطئ الذي كنت فيه ؟!
ظهر عرق غضب على وجه آيـآمي وهي تقول : ريو ، كنت تحلم حلماً منحرفاً مرة اخرى اليس كذلك ؟
توتر كثيراً فقال بصوت يشبه صوت النمل : دجاج مشوي مبهر ببهارات هندية
تفجرت آيـآمي بالضحك على هذه الجملة والتي كان من المفترض ان تغضب عليها ، ابتسم ريو ببلاهة وهو يشعر بأنها ستقتله يوماً
وهكذا انتهى الامر على خير
ثم شدوا جميعاً الرحال نحو كونوها
في عالم الشياطين
دخل كازو الى القصر برفقة اخويه ، القاهما في احد السجون الخاصة بالقصر وخرج متجهاً الى حيث والده
دخل الى البهو العظيم وهو يشعر بالقلق من ردة فعل ساتان تجاه ما فعله ، وجده واقفاً يقرأ كتاباً ما فانحنى مسرعاً احتراماً له وهو يقول : انتهى كل شيء يا والدي ، آيـآمي الان شيطان كامل بدون الخلود الخاص بها
اغلق ساتان الكتاب بقوة افزعت كازو ليقول : هذا جيد
ثم التفت الى كازو وتقدم منه ليقول بهدوء : قف كازو
اطاع كازو الامر رغم معرفته بالعقاب القادم في الطريق ، بدون ادراك صفع ساتان كازو بقوة كادت تحطم رأسه
تراجع كازو الى الخلف وقد نزف رأسه بشدة ، اقترب ساتان منه مجدداً ليمسك بيده ويقوم بكسرها ، ولكن كازو لم يصرخ حتى بل ظهرت ملامح الالم فقط على وجهه
انهال ساتان بالضرب المبرح على كازو حتى كاد يقتله وسط صمت قاتل لم تكسره الا اصوات دماء كازو المراقة على جدران وارضية البهو العظيم
انهى ساتان ضرب كازو الذي كان ملقياً على الارض وهو يتنفس بصعوبة ، مضرجاً بدمائه وقد احتلت الكدمات مكاناً واسعاً من جسده
قال ساتان بغضب وهو يمسح الدماء عن يديه : لا اعلم كيف تجرأت وخططت لكل شيء بنفسك ، ولكن هذا عقاب بسيط مني على ما فعلته كازو ، تعلم ان تثق في الغير قليلاً ولا تعتمد على نفسك كلياً
وقف كازو بصعوبة وهو يشعر بأن قدميه لا تقدران على حمله ، انحنى ولكنه تأوه من الالم الذي يشعر به وانصرف الى غرفته
تنهد ساتان وقال بسعادة : انتهى جزء وبقي جزء اكثر رعباً ، يالها من حياة
وفتح كتابه وعاد الى القراءة مجدداً
في مكان مجهول
صدت قهقهاتها الشيطانية في كل مكان ، واخذت تستنشق عبير الدماء الذي اضرجت به هذه الجثث الميتة من حولها
كل شيء مصبوغ بالاحمر القرمزي وكل ما حولها هو هواء مشبع برائحة الموت الكريهة
ابتسمت بشر مطلق وهي تقول متوعدة : انتهى الفصل الاول من القصة وكما الملاك يسقط من الجنان ، تتقطع اجنحته البيضاء ويختلط بياضها بالاحمر اللامع ، هذا هو الجمال الحقيقي للملاك الساقط ، سأحول البحار الزرقاء الى الحمرة وسوف احول الاشجار الى جثث حقيقية وسأمتلك اخيراً وريثي الشرعي ، سيحمل اسمي وسينفذ امري ، ولن يردعني شيء حتى انت يا ساتي ، اليس كذلك ، آيـآمي – شان ؟!
ثم دوت ضحكتها المرعبة في اجزاء ذلك الركام المتهاوي ، حيث كانت تلك السلاسل السوداء تشد عليها اكثر لتنزف اكثر وهي ترفع صدى صوت ضحكاتها الشيطانية
انتهى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق